فالقُرى هنا اسم للمدن فقط. ودخل بعض القضاة على علي بن الحسن رضي الله عنهما فقال: أخبرني عن قول الله تعالى: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة﴾ [سبأ: ١٨] ما يقول فيه علماؤكم؟ فقال: يقولون مكة. فقال: وهل رأيت؟ فقال: ما هي؟ فقل: إنما عني الرجال. قال: فقلت: فأين ذلك في كتاب الله تعالى؟ فقال: أولم تسمع قوله تعالى: ﴿وكأي من قرية عتت عن أمر ربها﴾ [الطلاق: ٨].
وقريت الماء جمعته قربا. وقريت الضيف قرى. وقريان الماء: مجتمعه. والاستقراء: التتبع والاستقصاء، وفي الحديث: ((فخرج يستقرى الرفاق)). وفي الحديث: ((أمرت بقرية تأكل القرى)) يعني: أمرت بالهجرة إلى المدينة، ومعنى أكلها القرى ما يفتح الله على أيديهم من الغنائم، وهو من أحسن المجاز.
فصل القاف والسين
ق س س:
قوله تعالى: ﴿ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا﴾ [المائدة: ٨٢] القسيس: العالم المتعبد من رؤوس النصارى، وقيل: بل هو رئيس النصارى، ومثله القس. وجمع القس قسوس، والقسيس قسيسون وقساوسة وقسوس، وهما على غير قياس.
والقس في اللغة تتبع الخبر، وقيل: تتبع الشيء وطلبه باليل، وبين العبارتين عموم وخصوص من وجه؛ يقال: تقسست أصواتهم باليل أي تتبعتها. والقسقاس والقسقس: الدليل باليل. والقسقاسة: التحريك، وفي الحديث: أن فلانة خطبها أبو جهم ومعاوية، فقال لها صلى الله عليه وسلم: ((وأما أبو جهم فأخاف عليك قسقاسته)) أي تحريكه إياها عند الضرب.
وقسقس الرجل في مشيته: أي أسرع. وما زال يقسقس ليلته، أي إذا أسرع.