وحيثما ذكر الله أهل الكتاب فالمراد بالكتاب التوراة والإنجيل أو هما جميعًا. قوله: ﴿وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب﴾ [يونس: ٣٧]. أراد بالكتاب كتب الله غير القرآن لأنه جعل القرآن مصدقًا له. قوله: ﴿وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا﴾ [الأنعام: ١١٤] قيل: أراد به القرآن، وقيل: أراد القرآن وغيره من الحجج والعقل والعلم.
قوله: ﴿وقال الذي عنده علمٌ من الكتاب﴾ [النمل: ٤٠] أراد به سليمان، وبالكتاب علمًا من العلوم التي آتاها الله تعالى سليمان في كتابه المخصوص به، وبه سخر له كل شيءٍ.
قوله: ﴿وتؤمنون بالكتاب كله﴾ [آل عمران: ١١٩] قيل: أراد بالكتاب جمع جنس الكتب فوضع الواحد موضع الجمع كقولك: كثر الدرهم في أيدي الناس، ويؤيده قوله: ﴿كل آمن بالله وملائكته وكتبه﴾ [البقرة: ٢٨٥] قرئ: ﴿وكتبه﴾ و ﴿كتابه﴾. وقيل: وحد لأنه في الأصل مصدرٌ فتوحد، نحوٌ رجلٍ عدلٍ. وقيل: عنى بذلك كتابًا واحدًا ونبه أنهم ليسوا كمن قيل فيهم ﴿نؤمن ببعض ونكفر ببعض﴾ [النساء: ١٥٠].
قوله تعالى: ﴿فكاتبوهم﴾ [النور: ٣٣] كتابة العبد، يجوز أن تكون من الكتب بمعنى الإيجاب أو بمعنى النظم أي نظم الحروف، لأن العادة جاريةٌ بكتب ذلك في صك والإشهاد فيه حفظًا لحق العبد فإنها جائزةٌ من جهته لازمةٌ من جهة سيده.
قوله: ﴿سنكتب ما قالوا﴾ [آل عمران: ١٨١] أي سنحفظ قولهم، وقيل: سنكتبه في صحف الحفظة بأن تكتبه الحفظة، كقوله: ﴿كرامًا كاتبين يعلمون ما تفعلون﴾ [الانفطار: ١١ - ١٢] وهو المشار إليه بقوله: {ونخرج له يوم القيامة كتابًا


الصفحة التالية
Icon