والتخفيف مع فتح الياء وسكون الكاف، وهما واضحان لأن المنافقين، لعنهم الله، قد فعلوا النوعين: كذبوا الرسول وكذبوا في قولهم: آمنا وليسوا بمؤمنين.
وقوله: ﴿فإنهم لا يكذبونك﴾ [الأنعام: ٣٣] قرئ -أيضًا -بالتثقيل والتخفيف؛ فمن قرأه مثقلًا فمعناه أنهم لا يقولون لك: كذبت؛ يقال: كذبته إذا قلت له كذبت. ومن قرأه مخففًا فمعناه أنهم لا يرون ما أتيت به كذبًا. والمعنى أنك صادقٌ عندهم، ولكنهم يجحدونه بألسنتهم.
وأكذبته -أيضًا -: إذا وجدته كاذبًا. وقيل: كذبته: نسبته إلى الكذب، نحو: فسقته: نسبته إلى الفسق، صادقًا كان أو كاذبًا. وقيل: معناه لا يجدونك كاذبًا ولا يستطيعون أن يبينوا كذبك لأنه أمرٌ محالٌ.
قوله: ﴿ليس لوقعتها كاذبةٌ﴾ [الواقعة: ٢] الكاذبة -قيل -هي مصدرٌ، كالعاقبة والعافية، أي ليس لوقوعها كذبٌ أي هي كائنةٌ لابد منها ولا التفاف إلى من كذب بها، وقيل: المعنى نفسٌ كاذبةٌ. وقيل: نسب الكذب إلى نفس الفعل كقولهم: فعلةٌ صادقةٌ وفعلةٌ كاذبةٌ.
قوله: ﴿وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ [يوسف: ١١٠] قرئ بالتثقيل والتخفيف أيضًا. والمعنى أنهم قد كذبوا من جهة قومهم وأن قومهم كذبوهم أي نسبوهم إلى التكذيب هذا في من ثقل، فأما قراءة التخيفف فاستشكلها جماعةٌ، وتكلم بعض الناس فيها بما لا يليق، والحق فيها أن معناها كذبوا من جهة قومهم. وغلب على ظنهم أن قومهم كذبوهم فيما وعدوا الرسل أنهم يؤمنون بهم. وعن عائشة رضي الله عنها: ﴿حتى إذا أستيأس الرسل﴾ [يوسف: ١١٠] ممن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم، وظنت الرسل أن من آمن منهم من قومهم قد كذبوهم ﴿جاءهم نصرنا﴾ عند ذلك. وروى ابن جريرٍ


الصفحة التالية
Icon