وفي الحديث: «وجعل كعبك عاليًا» أي شرفك؛ عبر بذلك عن ثبات العز والشرف ودوامهما، ومثله: ثبت الله قدمك، عكسه: أزال الله قدمه وأزلقها.

فصل الكاف والفاء


ك فء:
قوله تعالى: ﴿ولم يكن له كفوًا أحدٌ﴾ [الإخلاص: ٤] أي مكافئًا ومساويًا ونظيرًا. يقال: فلانٌ يكافئ فلانًا، أي يساويه. ومنه الحديث: «تتكافأ دماؤهم» أي تتساوى فيقاد العالم بالجاهل والشريف بالدنيء. وهو كفؤك وكفيؤك وكفاؤك، أي مساويك. وفي صفته عليه الصلاة والسلام: «إذا مشى تكفى تكفيًا» قد فسره شمرٌ بما لا يليق فقال: أي تمايل كما تتكفأ السفينة يمينًا وشمالًا. قال الأزهري: وهذا خطأ. ومعنى التكفؤ: الميل إلى سنن ممشاه، وهذا كقوله: «كأنما ينحط من صبب». قال: والتمايل يمينًا وشمالًا إنما هو الخيلاء. قلت: لا يريد شمرٌ تفسير مشيه بتكفؤ السفينة يمينًا وشمالًا إنما يريد تفسير مطلق الميل وقوله: يمينًا وشمالًا، تفسيرٌ لتمايل السفينة لا لتمايله عليه الصلاة والسلام فوقع التشبيه في أصل الميل. وإنما قلت ذلك لأنه لا يظن بشمر مثل ذلك والعياذ بالله، متى اعتقده كفر.
قال: والسفينة تتكفأ أي تتمايل على سمتها التي تقصد، وفي حديث علي كرم الله وجهه: «يتكفأ كأنما يمشي في صببٍ» وهذا يفسر ما ذكرته. وفي الحديث: «كان عليه الصلاة والسلام لا يقبل الثناء إلا من مكافئٍ». قال القتيبي: معناه أنه إذا أنعم على


الصفحة التالية
Icon