رجلٍ فكافأه بالثناء عليه قبل ثناءه، وإذا أثنى عليه قبل أن ينعم عليه لم يقبله. وهذا التفسير قد رده ابن الأنباري وقال: إنه غلطٌ بين، ولقد صدق -عليه الصلاة والسلام -لا ينفك أحد عن إنعامه إذ كان الله قد بعثه للناس كافة ورحم به وأنقذ؛ فنعمه سابقةٌ إليهم لا يخرج مها مكافئٌ ولا غير مكافئٍ. هذا والثناء عليه فرضٌ لا يتم الإسلام إلا به. وإنما المعنى أنه لا يقبل الثناء إلا من رجلٍ يعرف حقيقة إسلامه، ولا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم. فإذا كان المثني عليه بهذه الصفة قبل ثناءه وكان مكافئًا ما سلف من نعمه عليه السلام عنده وإحسانه إليه. قال الأزهري: وفيه قولٌ ثالثٌ: إلا من مكافئٍ: إلا من مقاربٍ مدحه غير مجاوز به حد مثله ولا مقصرٍ عما وفقه الله إليه؛ ألا تراه يقول: «لا تطروني كما أطرى النصارى عيسى ولكن قولوا عبد الله ورسوله». فإذا وصف بكونه نبي الله ورسوله فقد وصف بما لا يوصف به أحدٌ من أمته، فهو مدحٌ ومكافئٌ له. وفي الحديث: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في إنائها» يكتفئ، أي يقلب ويكب، تفتعل، من كفأت القدر: إذا كببتها لتفرغ ما فيها. وهو تمثيلٌ لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها. وقال الكسائي: كفأت الإناء: كببته، وأكفأته: أملته، ومن الحديث: «إذا مشى تكفأ». تكفأ: أي تمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها. والأصل فيه الهمز فترك. وفي حديث علي: «أنه تكفأ لونه عام الرمادة» أي تغير، وحقيقته انقلب لونه من حالٍ إلى حالٍ. والإكفاء: قلب الشيء كأنه إزالة المساواة، ومنه الإكفاء في الشعر.
ك ف ت:
قوله تعالى: ﴿ألم نجعل الأرض كفاتًا أحياءً وأمواتًا﴾ [المرسلات: ٢٥ - ٢٦] أي