المرسلات: [٣٠ - ٣١] سماه ظلاً تهكمًا بهم أو في الصورة من حيث إنه متراكب لا شمس فيه. ثم لما وصفه بوصفين بكونه ظلاً وبكونه [ساترًا] نفى عنه هذين الوصفين؛ فقال: ليس بظليلٍ على ما يتعارفونه، ونفى عنه فائدة الظل المتعارف، وهو أن من شأنه أن يغني من لهب النار وحرها. ويجوز أن يكون المعنى أن الظل، وإن كنتم تعهدونه يغني من الحر فهذا لا يغني من اللهب. قال الراغب: قوله:} لا ظليلٍ ﴿أي لا يفيد فائدة الظل في كونه واقيًا من الحر. قلنا: هذا قد أفاد ولا يغني من اللهب. وأيضًا لو كان فائدة قوله:﴾ لا ظليلٍ ﴿ذلك لم يكن لقوله بعد، ولا يعني فائدًة لأنه إذا لم يق الحر علم أنه لا يغني من اللهب من باب الأولى والأحرى.
وقوله:﴾
ظلت عليه عاكفًا ﴿[طه: ٩٧] أصلها ظللت، وإنما حذفت اللام الأولى للتضعيف والكسر، وفيه وفيما أشبهه ثلاث لغاتٍ: ظللت على الأصل، وظلت بالحذف مع بقاء الفاء على حركتها، وظلت بكسرها منبهًة على حركة المحذوف، وإن كانوا قد حذفوا أحد المثلين في المضاعف وإن لم يكن كسر نحو: أحست في أحسست، وهمت في هممت، وحلت في حللت. فلأن يحذفوا فيما فيه ذلك وحركة ثقيلة أولى. ومنه قول الشاعر: [من الوافر]

٩٧٤ - سوى أن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوش
يريد: أحسن. على أنه قد زعم بعضهم أنه جاء ذلك مع الفتح، وجعل منه:﴾ وقرن في بيوتكن {[الأحزاب: ٣٣] وليس كذلك حسبما بيناه في "الدر" و"العقد" وغيرهما.
وأصل ظل الدلالة على اتصاف اسمها بمعنى خبرها نهارًا كدلالة بات على اتصافه به ليلاً. تقول: ظل زيد يقرأ، أي اتصف بالقراءة نهارًا. وبات يصلي، اتصف بها ليلاً، قال الشاعر: [من السريع].


الصفحة التالية
Icon