ويقال: مكنت الضبة وأمكنت، أي باضت المكن. واختلف أهل التصريف في المكان، فعندهم أن ميمه أصلية على ما قدمناه، وزعم الخليل وأتباعه أنه من الكون، مفعل منه، قال: ولكثرته في الكلام أجري مجرى فعال، فقيل: تمكن نحو تمسكن وتمنزل، يعني أنه اعترض على نفسه بقولهم: تمكن فثبتت الميم في التصريف، فدل على أصالتها. فأجاب بأنه جرى مجرى ما ميمه أصلية ونظيره متمسكن ومتمنزل من السكون والنزل، وقد أتقنا ذلك في غير هذا.
م ك و:
قوله تعالى: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية﴾ [الأنفال: ٣٥]. المكاء: صفير الطير. يقال: مكا الطير يمكو مكاء ومكوًا: صفر. والمعنى أنه لم يكن لهم صلاة عند البيت إلا هذا، أي جعلوا هذي بدل الصلاة، كقول الآخر: [من الوافر]
١٤٤٩ - تحية بينهم ضرب وجيع
أي بدل التحية، ومثله قوله تعالى: ﴿وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون﴾ [الواقعة: ٨٢] ذلك أنهم كانوا يأتون البيت والقرآن يتلى فيصفرون بأيديهم ويلغون كما أخبر عنهم بقوله: ﴿والغوا فيه﴾ [فصلت: ٢٦] يقصدون بذلك الغلبة، وقد غلبوا وانقلبوا صاغرين. وقد نبه بقوله: ﴿إلا مكاء﴾ أن ذلك منهم جار مجرى مكاء الطير في قلة الغناء.
والمكاء: طائر. والمك: طائر معروف.
فصل الميم واللام
م ل أ:
قوله تعالى: ﴿قال الملأ﴾ [الأعراف: ٦٦] الملأ: الأشراف، سموا بذلك لأنهم يملؤون القلوب هيبة والعيون جلالًة. وهو اسم جمع كالبقر، وجمع على أملاء، نحو أبناء، وقيل: سمي الرؤساء بذلك لأنهم ملأى بالرأي والعناء. والملأ جمع مليء، وقيل: الملأ: القوم يجتمعون على رأي فيملؤون القلوب هيبة. ثم أطلق على كل جماعةٍ لأنهم