أنذرناكم عذابًا قريبًا} [النبأ: ٤٠] ﴿فقل: أنذرتكم صاعقة﴾ [فصلت: ١٣]. فالمفعول الثاني يجوز أن يكون محذوفًا، أي أأنذرتهم العقاب أم لم تنذرهم إياه. والظاهر أنه غير مرادٍ فحذفه اقتصادًا لا اختصارًا، نحو: ﴿كلوا واشربوا﴾ [البقرة: ٦٠].
قال ابن عرفة: الإنذار الإعلام بالشيء الذي يحذر منه. وكل منذرٍ معلم. وليس كل معلمٍ منذرًا. وهنا موافق لما قلناه؛ يقال: أنذرته فنذر ينذر.
قوله ﴿وجاءكم النذير﴾ [فاطر: ٣٧] هو الرسول؛ فعيل بمعنى مفعل. وقيل: هو الشيب. وقيل: القرآن. ويكون النذير أيضًا بمعنى الإنذار، فيكون اسمًا ووصفًا. ومنه قوله تعالى: ﴿كيف نذير﴾ [الملك: ١٧] أي إنذاري.
قوله: ﴿وما تغني الآيات والنذر﴾ [يونس: ١٠١] جمع نذيرٍ نحو رغيفٍ ورغفٍ. والمراد به المصدر. وجمعٍ لاختلاف أنواعه. قال الراغب: والنذير: المنذر؛ ويقع على كل شيءٍ فيه إنذار، إنسانًا كان أو غيره. وجمعه النذر. وقوله تعالى: ﴿هذا نذير من النذر الأولى﴾ [النجم: ٥٦] أي من جنس ما أنذر به الذين تقدموا.
قوله تعالى: ﴿عذرًا أو نذرًا﴾ [المرسلات: ٦] أي للإعذار أو للإنذار. فهو اسم مصدر، ثم يجوز أن يكون أصلاً بنفسه، وأن يكون مخففًا بضمتين.
قول: ﴿لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم﴾ [يس: ٦] يجوز في ((ما)) أن تكون نافية، وهو الظاهر؛ أي لم يشاهد آباؤهم نبيًا. واستدل عليه بقوله: ﴿وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ﴾ [سبأ: ٤٤]. قال الهروي: وفيه نظر، ويجوز أن تكون مصدرية، أي لتنذر قومًا بمثل ما أنذر آباؤهم. فيكون آباؤهم منذرين أيضًا. ويجوز أن تكون بمعنى الذي.
قوله تعالى: ﴿يوفون بالنذر﴾ [الإنسان: ٧] النذر: ما يلتزمه الإنسان من صدقةٍ أو فعل عبادةٍ. ومنه قوله تعالى: ﴿إني نذرت للرحمن صومًا﴾ [مريم: ٢٦]. وقال ابن عرفة: لو قال قائل: على أن أتصدق بدينارٍ، لم يكن ناذرًا، ولو قال: على إن شفى الله مريضي، أو رد غائبي صدقة دينارٍ، كان ناذرًا. فالنذر: ما كان وعدًا على شرطه، فكل


الصفحة التالية
Icon