قال في مقدمة تفسيره إن سورة الفاتحة وحدها يمكن أن يستنبط منها عشرة آلاف مسألة.. ويكثر من الاستطراد إلي العلوم الرياضية والطبيعية والفلسفية، وربما يعرض أقوال بعض الفلاسفة ويقوم بردها، ويكثر أيضا من إيراد شبه المخالفين، وربما يقصر في تفنيدها، حتى قال ابن حجر عنه إنه يعاب بإيراد الشبهة الشديدة ويقصر في حلها حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبهة نقدا ويحلها نسيئة، ثم إن الفخر الرازي لا يكاد يمر بآية من آيات الأحكام إلا ويذكر مذاهب الفقهاء فيها مع ترجيحه للمذهب الشافعي، كذلك يستطرد في المسائل الأصولية والكلامية والنحوية والبلاغية وإن كان لا يتوسع في هذا توسعه في علوم الكون كالفلك والنجوم وغيرها.
وبالجملة: فالكتاب أشبه ما يكون بموسوعة في علم الكلام، وفي علوم الكون والطبيعة، إذ أن هذه الناحية هي التي غلبت عليه حتى كادت تقلّل من أهميته ككتاب تفسير للقرآن الكريم، حتى قال بعض أهل العلم عنه: (فيه كل شيء إلا التفسير) (١).
ولكن برغم هذا تبقي قيمة الكتاب عالية يتعلم المطالع منه كيف يربط بين كافة العلوم وبين القرآن الكريم.
[٢] أنوار التنزيل وأسرار التأويل: لعبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي من بلاد فارس توفي بمدينة تبريز سنة ٦٨٥ هـ.
لقد اختصر البيضاوي تفسيره من تفسيري الزمخشري والرازي، غير أنه ترك اعتزاليات الزمخشري، وإن كان أحيانا يوافقه في مذهبه كالذي حصل عند موافقته له في إنكار تلبس الجن بالإنس عند تفسير آية البقرة.
وكذلك عند ما أخذ من الرازي لا يتابعه في الاستطراد في العلوم الكونية