وروي نفس الأثر عن ابن أبي مليكة قال سئل ابن عباس عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبي أن يقول فيها (١).
وعن مالك رضي الله عنه قال: كان سعيد بن المسيب إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئا.
وقال الليث.. كان سعيد بن المسيب لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
وقال ابن شوذب حدثني يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
وروي ابن جرير بسنده عن عبيد الله بن عمر قال: لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع.
وعن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله (٢).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (من قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ والله اعلم) (٣).
وشبه شيخ الإسلام - بعد ذلك - المجترئين على القول في التفسير بغير علم بالقاذفين، قال: وهكذا سمي الله تعالى القذفة كاذبين فقال: فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِك عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ [النور: ١٣]، فالقاذف كاذب ولو

(١) تفسير الطبري ١/ ٦٢.
(٢) مقدمة في أصول التفسير ص ١٢٠، ١٢١.
(٣) المرجع السابق ص ١١٦.


الصفحة التالية
Icon