عجز العرب عن الإتيان بمثل شيء من القرآن الذي هو مركب من حروف من جنس تلك الحروف المقطعة التي يعرفونها، والدليل على ذلك إن أغلب السور التي فيهل حروف مقطعة جاء بعد الحروف إشارة إلي القرآن الكريم الر تِلْك آياتُ الْكتابِ، الر كتابٌ أُحْكمَتْ آياتُهُ «وقال بعضهم: يستخلص من الحروف المقطعة في أوائل السور بعد حذف المكرر منها تركيب عجيب هو (نصّ حكيم له سرّ قاطع) كأنه يريد أن يقول إنها وصف للقرآن الكريم» (١).
وبرغم تلك المحاولات لفهم معنى تلك الأصول المتشابه يبقي نوع من الخفاء دليلا على التسليم والإيمان.
الثاني: متشابه في المفهوم:
وهو ما عرف معناه ظاهرا واستحال معرفة حقيقة المعنى المراد منه، كآيات الصفات، مثل: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [محمد: ١٠] ويَبْقي وَجْهُ رَبِّك ذُو الْجَلالِ والْإِكرامِ (٢٧) [الرحمن: ٢٧] وجاءَ رَبُّك والْمَلَك صَفًّا صَفًّا (٢٢) [الفجر: ٢٢]، وكقوله سبحانه في المسيح ابن مريم: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وكلِمَتُهُ أَلْقاها إِلي مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ [النساء: ١٧١] وهذا النوع من المتشابه يفهم معناه، ولكن يستحيل معرفة حقيقة المعنى المراد، فنحن نفهم من كل آية من آيات الصفات معنى ولكن تبقى حقيقة المراد من الخفي الذي لا سبيل لإيضاحه (٢).

(١) انظر: تأويل القرآن وتفسير معانيه لأبي مسلم الأصفهاني.
(٢) وقد أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي إدخال الصفات أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله وذكر أنه لا يعلم أحدا من سلف الأمة جعل ذلك من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله بل فسروه وبينوه لكن من غير تحريف له عن مواضعه أو الحاد في أسماء الله وصفاته وآياته وردوا أبطلوا تأويلات المنحرفين كما فعل ذلك أحمد في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية. راجع الفتاوي ١٣/ ٢٩٤ - ٣٠٧.


الصفحة التالية
Icon