ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلي كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْك السَّماواتِ والْأَرْضِ [البقرة: ١٠٧ - ١٠٨].
[٣] إظهار كمال عبودية المؤمنين فالمؤمن الذي يقبل النسخ كأنه منتظر لإشارة ربه سبحانه كيفما وردت وبأي وجه صدرت فتظهر طاعة العبد بكمال الخضوع والانقياد.
أهمية معرفة الناسخ والمنسوخ كأصل من أصول التفسير:
روي ابن عبد البر عن يحيي بن أكثم قال: (ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء وعلى المتعلمين وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه، لأن الأخذ بناسخه واجب والعمل به واجب لازم ديانة والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهي إليه، فالواجب على كل عالم علم ذلك، لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمرا لم يوجبه الله أو يضع عنهم فرضا أوجبه الله) (١).
حكم النسخ من ناحية إثباته وعدمه:
قال الآمدي في الإحكام: (وقد اتفق أهل الشرائع على جواز النسخ عقلا وعلى وقوعه شرعا ولم يخالف في ذلك من المسلمين سوي أبي مسلم الأصفهاني فإنه منع ذلك شرعا وجوزه عقلا، ومن أرباب الشرائع سوي اليهود فإنهم انقسموا ثلاث فرق: فذهبت الشمعنية إلي امتناعه عقلا وذهبت العنانية إلي امتناعه سمعا لا عقلا، وذهبت العيسوية إلي جوازه عقلا ووقوعه سمعا واعترفوا بنبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن إلي العرب) (٢).
وأطال الآمدي في الإحكام مناقشة منكري النسخ وأقام لذلك البراهين العقلية والنقلية الواضحة فمن ذلك: (قال: الدليل العقلي على جواز النسخ هو أن المنكر له إما أن يكون ممن يوافق على أن الله تعالى له أن يفعل ما يشاء كما
(٢) الإحكام في أصول الأحكام ٣/ ١٦٥.