حُرِّمَتْ عَلَيْكمُ الْمَيْتَةُ والدَّمُ [المائدة: ٣].. ووَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة: ٣]. فلفظ الدَّمُ ولفظ رَقَبَةٍ كل منهما مطلق شائع في جنسه لأنه لم يقيد بقيد لفظي يقلل من شيوعه، فالدم يشمل المسفوح وغير المسفوح والرقبة تشمل المؤمن وغير المؤمن كما تشمل الذكر والأنثي.
مثالين آخرين للمطلق: والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكمْ ويَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا [البقرة: ٢٣٤]، فَمَنْ كانَ مِنْكمْ مَرِيضًا أَوْ عَلي سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: ١٨٤]، فلفظ أَزْواجًا ولفظ أَيَّامٍ كل منهما مطلق شائع في جنسه لأنه لم يقيّد بقيد يقلل من شيوعه، فالأزواج مطلق يشمل المدخول بهن وغير المدخول، والأيام مطلق عن التقيد بزمن أو شرط كالتتابع.. ومن خلال تلك الأمثلة السابقة نعلم أن دلالة المطلق أن يعمل به على إطلاقه إلا إذا وجد دليل التقييد، فليس من حق المفسر أن يقلل من شيوع ذلك اللفظ إلا إذا وجد ما يقيده (١).
المقيد: وهو اللفظ الخاص الذي قيّد بقيد لفظي قلل من شيوعه (٢).
مثل: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلي طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [الأنعام: ١٤٥]، ومَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء: ٩٢] فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ [النساء: ٩٢]، فلفظ (الدم) ولفظ رَقَبَةٍ ولفظ شَهْرَيْنِ خاص قيد كل منها بقيد لفظي قلّل من شيوعه، فقيّد الدم ب (المسفوح)، وقيد الرقبة بالإيمان، وقيّد الشهرين بالتتابع.
ودلالة المقيد أنه يعمل به حسب القيد ولا يصح إطلاقه.
(٢) أصول التفسير - لخالد عبد الرحمن ص ٤٠٦.