ولأهمية هذا العلم فقد تناوله كثير من العلماء بالتصنيف، فقيل إن أول من صنف فيه هو أبان بن تغلب بن رباح البكري ت ١٤١ هـ، وقيل إن أول من جمع في هذا الفن هو أبو عبيدة معمر بن المثني التميمي ت ٢١٠ هـ، ثم توالي التصنيف فيه حتى قال السيوطي: (أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون) (١).
ثانيا: المعرّب من الألفاظ في القرآن:
ونعني بالمعرّب الألفاظ التي وقعت في القرآن الكريم بغير لغة العرب، والحق أن في هذه المسألة خلافا بين العلماء على ثلاثة أقوال (٢):
الأول: أنه ليس في القرآن ألفاظ بغير لغة العرب، واستدلوا بقوله تعالى: قُرْآنًا عَرَبِيًّا [يوسف: ٢] بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) [الشعراء: ١٩٥] ولَوْ جَعَلْناهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَأَعْجَمِيٌّ وعَرَبِيٌّ [فصلت: ٤٤].
وممن قال بهذا القول: الإمام الشافعي، وأبو عبيدة معمر بن المثني، وابن فارس، قال أبو عبيدة: إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول، ومن زعم أن (كذابا) بالنبطية فقد أكبر القول.
وقال ابن فارس: لو كان فيه من لغة غير لغة العرب شيء لتوهم متوهّم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتي بلغات لا يعرفونها.
الثاني: ذهب آخرون إلي القول بوقوع ألفاظ غير عربية في القرآن الكريم، وأجابوا عن قوله تعالى قُرْآنًا عَرَبِيًّا بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا، وعن قوله تعالى: ءَ أَعْجَمِيٌّ وعَرَبِيٌّ بأن المعنى من السياق أكلام أعجمي ومخاطب عربي، واستدلوا باتفاق النحاة على أن منع صرف (إبراهيم) للعلمية والعجمة.
(٢) انظر: السابق ١/ ٣٩٣/ ٣٩٦.