ويكفي في بيان قيمة التفسير بالمأثور إطباق أهل العلم ذوي البصر الثاقب، على أنه يبدأ به في التفسير، ونقل هذا عند أعلام الأمة مثل شيخ المفسرين الطبري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام القرطبي وابن كثير.. وغيرهم.
الرابعة: قضية الإسرائيليات في التفسير بالمأثور:
الإسرائيليات: هي تلك الأخبار التي تروي عن بني إسرائيل يهودا أو نصاري وقد دخلت الإسرائيليات في روايات التفسير المأثورة منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم وذلك نظرا لما بين القرآن من اتفاق مع التوراة والإنجيل في بعض المسائل، فكان بعض الصحابة إذ مر بآية من قصص القرآن ربما وجد في نفسه ميلا إلي أن يسأل عن بعض ما طواه القرآن ولم يتعرض له من القصة، فلا يجد من يجيبه على سؤاله سوي هؤلاء النفر الذين دخلوا في الإسلام من أهل الكتاب وحملوا ما معهم من ثقافة دينية.
غير أن الصحابة لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء، ولم يقبلوا منهم كل شيء، بل كانوا يسألون عن أشياء لا تعدو أن تكون توضيحا لقصة أو بيانا لبعض ما أجمل في القرآن، مع توقّفهم فيما يلقي إليهم، فلا يحكمون عليه بصدق أو بكذب ما دام يحتمل كلا الأمرين، امتثالا لأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: أمنا بالله وما أنزل إلينا» (١).
كما أنهم لم يسألوهم عن شيء مما يتعلق بالعقيدة أو يتصل بالأحكام، إلا أن يكون على جهة الاستشهاد والتقوية لما جاء به القرآن، كما أنهم لم يكونوا يسألون عن الأشياء التي يشبه السؤال عنها أن يكون من اللهو والعبث، كالسؤال عن لون كلب أهل الكهف، أو مقدار سفينة نوح، واسم الغلام الذي قتلة الخضر... ونحو ذلك، بل كانوا يعدون ذلك قبيحا من قبيل تضييع الأوقات (٢).
(٢) السابق ١/ ١٧٠ بتصرف.