المبحث الثاني: كيف كان الصّحابة يتأوّلون القرآن؟
عرفنا من النماذج السابقة التي عرضناها كيف كان تأويل الرسول صلّى الله عليه وسلّم للقرآن، وأنّ تأويله لأوامره هو تنفيذها فعلا وتحقيقها في عالم الواقع.
وإذا أردنا أن نقف علي هذا اللون من تأويل الصحابة للقرآن، فإنه لا يخرج عن تأويل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أي أنهم كانوا ينفّذون أوامر النصوص عمليا أو يلاحظون صورتها المادية، ومآلها العملي المستقبلي.
من الأمثلة التي توضح ذلك:
١ - أخرج الإمام أحمد عن سعيد بن جبير أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يصلي حيثما توجهت به راحلته. ويقول: قد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك. ويتأوّل عليه قوله تعالى: ولِلَّهِ الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (١) (٢).
إنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يري جواز صلاة التطوع علي الراحلة حيثما توجّهت به الراحلة، ولا يشترط فيها استقبال القبلة، فلو صلّى التطوع إلي غير القبلة وهو علي راحلته صحت صلاته.
ويعتمد ابن عمر علي ظاهر الآية، فالآية تبين أنّ المشرق والمغرب لله، وأنّ المصلي نافلة أينما ولّي وجهه فهو يوليه الله، وصلاته مقبولة الله.

(١) سورة البقرة: ١١٥.
(٢) مسند أحمد بن حنبل: ٢/ ٤١.


الصفحة التالية
Icon