الآية، فإن في مبدأ الاسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة، بل ما كانوا ينهضون إلا إلي غزو عام، أو في سرية خاصة، وسائر الأحياء حرب للإسلام وأهله.
والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب، أو على حادثة، فلا مفهوم له» (١).
ولهذا استوضح عمر بن الخطاب رضي الله عنه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قصر الصلاة للمسافر مع الأمن.
أخرج الإمام مسلم عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب:
قوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا. فكيف نقصر وقد أمن الناس؟
فقال لي عمر رضي الله عنه: عجبت مما عجبت منه. فسألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك. فقال لي: (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته).
وجواب الرسول صلّى الله عليه وسلّم على تساؤل عمر دليل على أنّ القصر ليس مقرونا بالخوف، فيجوز أن يكون مع الأمن، وهذا القصر للمسافر رخصة من الله لعباده، وصدقة تصدق بها عليهم.
ولهذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقصر الصلاة لما حجّ حجة الوداع، وقد زال خطر المشركين، ودخل الناس في الإسلام.
وأخرج البخاري وغيره عن حارثة بن وهب الخزاعيّ رضي الله عنه قال: صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آمن ما كان بمني ركعتين.
وفي رواية أخرى له قال: صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم الظهر والعصر بمني، أكثر ما كان الناس، وآمنه، ركعتين.
وأخرج البخاريّ ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: