«صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ركعتين
، وأبي بكر وعمر وعثمان، صدرا من إمارته، ثم أتمها»
(١).
ورغم هذه الروايات التي تدلّ على قصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة الصلاة مع الأمن، إلا أنّ عثمان وعائشة رضي الله عنهما أتما الصلاة، وكان إتمامهما للصلاة تأويلا كما قال عروة بن الزبير.
قال الإمام ابن حجر في شرح الحديث وبيان تأويلهما: «وقال ابن بطال: الوجه الصحيح في ذلك أنّ عثمان وعائشة كانا يريان أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة.
وهذا رجّحه جماعة، من آخرهم القرطبي»
ثم قال ابن حجر: «وأما عائشة فقد جاء عنها سبب الإتمام صريحا.
وهو فيما أخرجه البيهقي من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أنها كانت تصلي في السفر أربعا. فقلت لها- القائل ابن أختها عروة بن الزبير- لو صليت ركعتين.
فقالت: يا ابن أختي: إنه لا يشقّ عليّ.
وهو دالّ على أنها تأوّلت أن القصر رخصة، وأنّ الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل!»
(٢).
إنّ إتمام عثمان وعائشة رضي الله عنهما للصلاة مع السفر، هو تأويل منهما للآية التي ترخّص بالقصر.
وتأويلهما هو فهم للآية أولا، حيث فهما منها أنها تريد أن تيسر على المسلمين عند المشقة في السفر، وأنّ قصر الرسول عليه الصلاة والسلام أثناء سفره هو تيسير منه للأمة، لأنه مشرّع، وأفعاله تشريع. أما هما

(١) أنظر هذه الأقوال وغيرها في تفسير ابن كثير: ١/ ٥٩٨ - ٦٠١.
(٢) فتح الباري: ٢/ ٥٧١.


الصفحة التالية
Icon