استدارَتَه، واجتمعَ فصار بَدْراً (١).
١٩ - قولُه تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾: هذا جوابُ القَسَمِ، والمعنى: إنكم أيها الناس ستمُّرونَ بأحوالٍ تركَبونها حالاً بعد حال، من ابتداء أمرِكم بكونِكم نُطَفَاً في الأرحام إلى خروجِكم من بطون أمهاتِكم، إلى معايَنَتِكم أحوالَ الدنيا ونَكَدِها، إلى وصولِكم لأحوالِ الآخرة وهَوْلِها، حتى يدخلَ كل فريق منزِلَه: الجنة أو النار (٢).
_________
= وإذا تأملتَ هذه الأقوال، وجدتَها لا تخرجُ عن معنى الجمع، ومن ثَمَّ فهي لا تخالفُ القولَ الأول، بل هي تفاسيرٌ على المعنى، فيها زيادةُ بسطٍ لأمثلةِ ما يجمعه الليل، أو طريقة هذا الجمع، والله أعلم.
(١) كذا ورد عن السلف في تفسير «اتَّسَق»، ويلاحَظُ أن مادة «وسق» و «اتسق» واحدة، أما عبارات السلف فهي:
١ - إذا استوى، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة والعوفي، وزاد العوفي لفظة «اجتمع»، وعن عكرمة من طريق سماك، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وسعيد بن جبير من طريق أبي الهيثم، وقتادة من طريق سعيد، وتفسير الضحاك من طريق عبيد، مثل تفسير ابن عباس من طريق العوفي، وابن زيد.
٢ - إذا اجتمع وامتلأ، عن الحسن من طريق حفص.
٣ - لثلاث عشرة ـ أي: صار مستديراً ـ عن سعيد بن جبير من طريق جعفر بن أبي المغيرة، ومجاهد من طريق منصور.
٤ - إذا استدار، عن قتادة من طريق معمر.
وهذه الأقوال من قَبيلِ اختلافِ التنوُّع في التعبير عن المعنى الواحدِ بعباراتٍ مختلِفة، وذلك لتقريبِ المعنى إلى ذِهْنِ السامع، ولذا وردَ عن الواحد منهم عبارتان في التفسير، والله أعلم.
(٢) ورد في هذه الآية قراءتان متواتِرتان:
الأُولى: بضمِّ الباء من «تَرْكَبُنَّ»، وتأويلها ما سبق ذكره.
والثانية: بفتح الباء من «تَرْكَبَنَّ»، وقد اختلف السلف في المخاطَبِ بهذا الخطاب، كما اختلفوا في الطَبَقِ المركوب على أقوال:
الأول: لتركبنَّ يا محمد حالاً بعد حالٍ، وأمراً بعد أمرٍ من الشدائد، من قول العرب: «وقع فلانٌ في بناتِ طبق»، إذا وقع في أمرٍ شديد، وهذا قول ابن عباس من طريق =