سورةُ الطَّارِق
١ - ٣ - قولُه تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ *النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾: يقسمُ ربُّنا بالسماء وما يأتي ويطرقُ فيها ليلاً، ثمَّ استفهمَ مشوِّقاً لهذا الطارقِ فقال: وما أعلمكَ ما الطارقُ، ثمَّ أجاب عنه بأنه النجوم المتَّقدةُ المضيئةُ في السماء.
٤ - قولُه تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾: هذا جوابُ القَسَمِ، والمعنى: لا توجد نفسٌ من نفوسِ بني آدم إلاَّ عليها حافظٌ من الملائكة يحفظونَ عليهم أعمالهم، ثمَّ يُحَاسَبون عليها بعد البعث.
٥ - ٦ - قولُه تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾؛ أي: فلينظرِ الكافرُ الذي يُنكرُ البعثَ، فلينظر مادةَ خَلْقِه، وهي المَنِيُّ المنصبُّ، فالذي خلقه من هذه النطفةِ الحقيرةِ قادرٌ على إعادته.
٧ - قولُه تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾؛ أي: يخرجُ هذا الماء المنصبُّ من موضع العمودِ الفِقْرِيِّ وأضلاعِ الصدرِ التي تضعُ المرأةُ القِلادةَ عليها (١).
_________
(١) هذا القولُ في الترائبِ هو قولُ جمهور المفسرين، وعليه إجماعُ أهلِ اللغة، وممن قال به من السَّلَفِ: ابن عباسٍ من طريق العوفي وعلي بن أبي طلحة، وعكرمة من طريق أبي رجاء وعبد الله بن نعمان الحُدانيّ، وسعيد بن جبير من طريق عطاء، ومجاهد من طريق ثُوَير وابن أبي نجيح، وسفيان الثوري من طريق مهران، وابن زيد. ويظهرُ أن مرادَهم في تفسير الترائب تحديد مكانها بموضع القِلادة، لا أنها أضلاعُ المرأة، لأنَّ الماءَ المدفوقَ، أو ذا الدَّفق، يخرجُ من الرجل لا من المرأة، ونظم هذه الآية نظير نظم قوله تعالى: ﴿نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصًا﴾، [النحل: ٦٦] والله أعلم. =