٣ - قولُه تعالى: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾: ويقسِمُ ربُّنا بكلِّ والدٍ وولدِه (١).
٤ - قولُه تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾: هذا جوابُ القَسَمِ، والمعنى: أنَّ اللَّهَ أوْجَدَ الإنسانَ وأخرجَهُ وهو يكابِدُ أحوالَ الدنيا ومشقَّاتِها ومصاعبِها، فهو يخرجُ من تَعَبٍ فيها إلى تَعَب، كما قال تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩] على أحدِ التفسيرات فيها (٢).
_________
(١) وردَ في تفسير هذه الآية معنيان:
الأول: أن القَسَمَ بكل من يَلِدُ، وبكل عاقِرٍ لا يَلِدُ، وهذا قول ابن عباس من طريق عكرمة، وعكرمة من طريق النضر بن عربي.
الثاني: يُقسمُ بالوالد الذي يلد، وبولده، وقد ورد ذلك عن ابن عباس من طريق العوفي، وورد عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وأبي صالح من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والضحاك من طريق عبيد، وسفيان الثوري من طريق مهران، كلُّهم فسَّر أنه آدم وولده، كأنه لما ذكرَ المسكنَ أشار إلى الساكن.
ووردَ عن أبي عمران الجوني أنه إبراهيم وولده؛ كأنه أشارَ إلى باني البيتِ وذرِّيته، وهذان التفسيران جاءا على سبيل المثالِ لوالد وولده، ولذا قال الطبري: «والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: إن الله أقسمَ بكلِّ والد وولدِه؛ لأنَّ الله عمَّ كلَّ والدٍ وما ولد.
وغير جائزٍ أن يخصَّ ذلك إلا بحجَّة يجب التسليمُ لها من خبرٍ أو عقل، ولا خبرَ بخصوص ذلك، ولا بُرهان يجب التسليم له بخصوصه، فهو على عُمومِه كما عمَّه».
ولم يُضعِّف الطبري قول من فسَّر «ولم يلد» بالعاقر، ويظهر أن سبب هذا الخلاف: أنَّ هذا التركيبَ مشتَركٌ بين النفي والإثبات؛ أي أن «ما» يَحتمل أن تكون نافيةً، فيكون المعنى على العاقر، ويَحتمل أن تكون مثبِتة، فيكون المعنى على المولود، وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، والله أعلم.
(٢) وردَ في تفسير الكَبَدِ أقوال:
الأول: لقد خلقنا الإنسان في شدَّةٍ ونَصَبٍ وعناء، وردَ ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، والحسن من طريق منصور بن زاذان، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وسعيد أخو الحسن البصري، وعكرمة من طريق النضر، وسعيد بن جبير من طريق عطاء، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
الثاني: خلقناهُ منتصِباً معتدلَ القامة، وهذا قول ابن عباس من طريق العوفي، وعكرمة =