فيه (١)، وهذا وعيدٌ للمختلِفين في النبأ، وكرَّر الوعيدَ لتأكيدِه.
٦ - عدَّدَ اللَّهُ في هذه الآياتِ نِعَمَهُ الكونيةَ على النَّاسِ، التي لو تَفَكَّرَ فيها هؤلاءِ الكفَّار، لما وقعَ منهم اختلافٌ في النَّبأ العظيمِ الذي جاءَهم من عندِ الله، فقال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا﴾، وهو استفهامٌ على سبيل التقرير، معناه: أنَّ اللَّهَ جعلَ هذه الأرضَ البسيطةَ مهيَّئةً للناسِ كالمِهَادِ الذي يَمْتَهِدُونَه ويفْتَرِشونَه.
٧ - قولُه تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾؛ أي: وجعلنا الجبالَ الرَّاسِياتِ كالوتِد الذي تُشدُّ به أطنابُ الخيْمة، فتُمْسِكُ الأرضَ كي لا تَميدَ بأهلها كما تُمسِكُ الأوتادُ الخيمةَ فلا تسقط.
٨ - قولُه تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾؛ أي: أنشأناكُم وقدَّرناكُم وجعلناكُم أيها الناس من ذكرٍ وأنثى.
٩ - قولُه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾؛ أي: جعلنا نومَكم راحةً ودَعَةً لكم، تهدأون به وتسكُنون (٢).
١٠ - قولُه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾؛ أي: جعلناه يغْشَاكم بظلامِه،
_________
= الردّ، ويعبِّر عنه بعض العلماء بالرَّدْعِ والزَّجْرِ، وهي تكون كذلك إذا وقع قبلَها باطل أو خطأ من كلامٍ أو فعل، والله أعلم.
(١) عبَّر بعض المفسِّرين عن ذلك أنهم سيعلمون حقيقة النبأ، وذلك القول أعمُّ، لأنهم إذا علِموا عاقبتهم فيه، فإنهم سيكونون قد علِموا حقيقته لزوماً، والله أعلم.
(٢) يذكرُ بعض المتأخرين ممن يحرِص على تكثير الاحتمالات اللغوية في معاني الآي أقوالاً خمسةً في معنى السُّبات، وهو تكثُّر لا داعي له؛ لأن أشهر المعاني في مادة سبت: الراحة، قال ابن فارس في مقاييس اللغة (٣: ١٢٤): السين والباء والتاء أصل واحد يدل على راحة وسكون. أما تفسيره: بالموت، أو النوم، أو التمدد، أو القطع، فإنها وإن كانت صحيحة لغة، فإنها مما تَنْبُو عنها فصاحة القرآن في هذا الموضع، كما أن سياق الآية الوارد في مجال الامتنان يردُّها، والله أعلم.