فيكون لكم كاللباس الذي يَسْتُرُكم (١)، فتستريحونَ فيه بعد عَناء التَّقَلُّبِ في النهار.
١١ - قولُه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾؛ أي: جعلنا لكم النهارَ المبصرَ وقتاً للتعيُّشِ؛ أي: طلبُ المعاشِ الذي تقومُ به حياتكم.
١٢ - قولُه تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾، أي: رفعنا فوقكُم بناءً: سبعَ سماواتٍ مُحْكَمَةٍ قويةِ البُنيانِ، ليس فيها فُطورٌ ولا خَللٌ في الخَلْقِ.
١٣ - قولُه تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾؛ أي: جعلنا في السماء الشمسَ كالسِّراجِ المتَّقِدِ المضيء.
١٤ - قولُه تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا﴾؛ أي: أنزلنا من السَّحاب (٢) مطراً غزيراً.
_________
(١) قال قتادة: لباساً: سَكَناً، وهذا تفسيرٌ بالمعنى، وكأنه اعتبر قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً﴾ [الأنعام: ٩٦]، وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ [يونس: ٦٧]، وهو يؤول إلى معنى اللباس بالنظر إلى التغطية والستر فيهما، والله أعلم.
(٢) وردَ هذا عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وعن أبي العالية، والضحَّاك، والربيع بن أنس، وسفيان. وفسَّرها مجاهد وعكرمة وقتادة ومقاتل وابن زيد بأنها الرياح، وعليه فقوله: «من» يكون بمعنى الباء؛ أي: أنزلنا بالرياح، والصواب أنها السحاب، وعليه تبقى «من» على بابها، وهو أولى؛ لأنه إذا تعارض ظاهر الآية مع احتمال التأويل، قُدِّم الظاهر.
ويبقى أنه يستفاد من تفسير هؤلاء صحة إطلاق المُعْصِرات على الرياح من حيث اللغة، لورودِه عنهم، وإن لم تحتمله الآية.
وقد ورد عن الحسن وقتادة تفسير غريب، وهو أن المعصِرات: السماء، وهذا إن حُمل على التفسير على المعنى، كان له وجه، ويكون تفسيرهما على إرادة الجهة التي تأتي منها المعصِرات، لا أنه تفسير مطابق لمعنى المعصِرات؛ كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨]، والله أعلم.
ويكون الاختلاف من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى. وسبب الاختلاف =


الصفحة التالية
Icon