سورةُ النَّازِعات
١ - قولُه تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾: يُقسِمُ ربُّنَا بالملائكةِ التي تجذبُ أرواحَ الكفَّارِ من أجسادِهم عند الموت جذباً شديداً، كما يَشُدُّ الرامي بالقَوسِ السَّهْمَ إلى آخرِ مداه (١).
_________
(١) وقع خلاف في تفسير النَّازعات بين مفسِّري السلف على أقوال:
١ - الملائكة التي تجذب روحَ الكافرِ من أقاصي بَدَنِه، عن ابن مسعود من طريق مسروق، وابن عباس من طريق العوفي وأبي صالح، وعن مسروق، وسعيد بن جُبير.
٢ - الموتُ ينزع النفوس، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
٣ - النجومَ تنزِعُ من أُفُقٍ إلى أُفُق، وهو قول الحسن من طريق أبي العوام، وقتادة من طريق معمر.
٤ - القُسِيُّ تنزع بالسهم، وهو قول عطاء.
٥ - النفس حين تُنزع، وهو قول السدي من طريق سفيان.
وإذا تأملتَ هذه الأقوال، فإنك ستجدها جاءت على دلالة اسم الفاعل؛ أي أنها نازِعة، عدا قول السدي الذي حمل اسم الفاعل على المفعول، وفيه نظر.
كما أنها جعلت فعل النازعات من قبيل المتعدِّي؛ كقوله تعالى: ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ﴾، سوى قول من قال هي النجوم، فالفعل عنده لازمٌ لا يحتاج إلى مفعول.
وجاء اسم الفاعل، ولم يذكر مفعوله لأن النزع هو المقصود في المقام، كما جاء جمعاً لتأويله بالجماعات النازعات.
وهذا من اختلاف التنوع الذي يرجع إلى أكثر من معنى، وسببُ هذا الخلاف أنَّ هذه أوصافٌ لم يُذكر موصوفُها، وهي صالحةٌ لأن تُحمَل على كل ما قيل فيها ـ كما قال ابن جرير ـ وعليه فهي من قَبيل المتواطئ، غير أن الراجحَ من أقوال المفسرين، أن النازعات وما بعدها من الأوصافِ هي للملائكة، وعلةُ ذلك أن المفسِّرين أجمعوا على أن المدبِّرات هي الملائكة، ودلَّت الفاء في قوله تعالى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ على أنها =