١٢ - قولُه تعالى: ﴿قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾؛ أي: إنَّ الرجعةَ إلى الحياةِ بعد المماتِ رجعةٌ لا خيرَ فيها، بل فيها غَبْنٌ لهم (١).
١٣ - قولُه تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾؛ أي: إنَّ الأمرَ لا يحتاجُ إلى كبيرِ عناءٍ، بل هي صيحةٌ واحدةٌ لا ثانيةَ لها ينفُخُها إسرافيلُ في الصُّور، فيقومونَ من قبورهم أحياء (٢).
١٤ - قولُه تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾؛ أي: بعد أن يسمَعوا الصَّيَحةَ فإنهم سُرعانَ ما سيكونونَ على الأرض (٣).
_________
(١) كذا قال قتادة من طريق سعيد، وابن زيد.
(٢) كذا جاء عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وابن زيد.
(٣) ورد خلاف بين السلف في تفسير السَّاهرة على أقوال:
١ - الأرض، وهو قول ابن عباس من طريق عكرمة والعوفي، وعكرمة من طريق حصين وعمارة بن أبي حفصة، والحسن من طريق أبي رجاء، ومجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وسعيد بن جبير من طريق عكرمة وأبي الهيثم، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد.
٢ - اسم مكان معروف من الأرض، وهو بالشام، ورد ذلك عن عثمان بن أبي العاتكة وسفيان الثوري، وهذا القول يمكن أن يُحتمَل على أنهم أرادوا تعيين أرض المحشر، وأنها جزء من الأرض، لا أن السَّاهرة عَلَمٌ مخصوصٌ بهذا المكان دون الأرض.
وقال وهب بن منبِّه: هو جبل إلى جنب بيت المقدس، وهذا إن كان أراد أن هذا الجبل بعينه هو الساهرة، فإنه غير صحيح، وهو مخالف لما عليه جمهور السلف، وإن كان إنما ذكر جزءاً من أرض المحشر التي يحشر الناس إليها، فيمكن أن يُحتمل قوله على هذا التوجيه، والله أعلم.
٣ - وقال قتادة: في السَّاهرة: في جهنَّم. وهذا مخالف لما ورد عن الجمهور، ولا يظهر موافقته لقولهم من أي وجه، والله أعلم.
والقول الأول، وهو قول جمهور السلف، هو القول الراجح، وهو المعروف من لغة العرب، قال أمية بن أبي الصَّلْت:

وفيها لحمُ ساهرةٍ وبحر وما فاهوا به أبد مقيم
وإنما سمِّيت الأرض بهذا الاسم؛ لأن فيها نومَ الحيوانِ وسهرَهم، فسمِّيت بذلك للملابسة، والله أعلم. انظر: معاني القرآن للفراء، وتفسير الطبري.


الصفحة التالية
Icon