٣٢ - قولُه تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾؛ أي: ثبَّتَ الجبالَ في الأرض، فهي مثبِّتةٌ للأرض، والأرض مثبتة لها (١).
٣٣ - قولُه تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ﴾؛ أي: ما ذكرَهُ من خلقِ السماء ودَحْوِ الأرض وإرساءِ الجبالِ منفعةٌ لكم، تنتفعونَ به أنتم وأنعامُكم مُدةً من الزمان، ثم ينتهي هذا الانتفاع.
٣٤ - قولُه تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾؛ أي: إذا جاءت الساعة (٢) التي تَطُمُّ ـ أي: تغمُر ـ كل هائلةٍ من الأمور فتغمُرُها بعظيم هَوْلِها، حتى لا يوجد أكبر منها، عرفوا سوءَ عاقبتهم وتكذيبهم بالبعث (٣).
٣٥ - قولُه تعالى: ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى﴾؛ أي: إذا جاءت
_________
= الأرض؛ لقوله: ﴿مِنْهَا﴾، والمرعى في القرآن: مكان الكلأ والعُشب الذي تأكله البهائم، وقد ناسب ذكره هنا، لقوله بعد ذلك: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ﴾، وهو في النهاية يرجِع إليهم؛ لأن الأنعام من متاعهم، غير أن في ذكر الأنعام هنا إشارة إلى أن الأنعام تشاركهم في التمتُّع في الأرض، وأن عليهم زيادةً في ذلك، وهو الاعتبارُ والاتِّعاظُ بما أنعم الله عليهم به، لكيلا يكونوا كالأنعام أو أضل سبيلاً؛ كما قال تعالى: ﴿كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى﴾ [طه: ٥٤]، والله أعلم.
(١) تُثبت هذه الآية أن الجبال مُرساة، كما ورد في الآيات الأخرى أنها مُرْسيةٌ للأرض، وهذا يعني أن الجبال تثبت الأرض، كما أن الجبال ثابتة ـ أي: مُرْسَاة ـ في الأرض، فلو قُلِعَت من مكانها لما استقرت الأرض. والله أعلم.
(٢) قال ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة ـ في الطامَّة ـ: من أسماء القيامة، عظَّمَه الله، وحذَّره عباده.
(٣) هذا جواب إذا، وهو مُضمَر، وذكر الطبري عن القاسم بن الوليد الكوفي القاضي (ت: ١٤١) في قوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾، قال: «سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار»، وتفسيره هذا يُشعِر بأنه جواب إذا، ويؤخذ منه أن الجوابَ يقدَّر بما يناسب السياق، والله أعلم.
وذكر في جوابِ إذا قولٌ آخَر، وهو مبني على قوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴾ [النازعات: ٣٧]، وما بعدها، والتقدير: إذا جاءت الطامَّة الكبرى، كانت أحوالُ الطاغين كذا، وأحوالُ المتقينَ كذا، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon