٥ - ٦ - قولُه تعالى: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى *فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾؛ أمَّا من عدَّ نفسَه غنيًّا عنكَ، وعن الإيمانِ بكَ (١)، فأنت تتعرَّضُ له.
٧ - قولُه تعالى: ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى﴾؛ أيْ: أيُّ شيءٍ سيلحقُكَ إذا لم يُسلم هذا الكافر؟ (٢).
٨ - ١٠ - قولُه تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى *وَهُوَ يَخْشَى *فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾؛ أي: أمَّا هذا الأعمى الذي أتى يحثُّ الخُطى إليك بنفسه، وقد وَقَرَ في قلبه الخوف من الله، فأنت تنشغل عنه بهذا الكافرِ المظنونِ إسلامُه.
١١ - قولُه تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾؛ أي: ما الأمرُ كما فعلتَ يا محمد ـ (ص) ـ من أن تعبسَ في وجه من جاءك يسعى. إنَّ هذه الآيات موعظةٌ وتذكرةٌ لمن أرادَ أن يتذكَّر.
١٢ - قولُه تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾؛ أي: فمن أرادَ من عبادِ الله ـ صادقاً في إرادته ـ أن يتَّعِظَ بالقرآن وآياتِه حصلَ له الاتِّعاظ (٣).
_________
= الثاني: أن يكون التزكِّي: كمال حصول الموعظة في القلب، والتذكر: ما يحصل في القلب من يسيرها، ويكون المعنى: إن لم يقع منه كمالُ تَزَكٍّ، وقع منه يسيرٌ ينفعه في المستقبل، والله أعلم.
(١) يذكر بعض المفسِّرين أن معنى استغنى: استغنى بماله، ولا يمنع أن يكون هذا الكافر غنياً بماله، غير أن المناسبَ لسبب النزول أن يكون استغنى عن الإيمان بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.
(٢) يذكر بعض المفسِّرين في «ما» احتمالاً آخرَ، وهو أن تكونَ نافية، ويكون المعنى: لا شيءَ عليكَ إذا لم يُسلم هذا الكافر، والأوَّلُ أنسبُ لسياق العتاب، والله أعلم.
وفي كلا الاحتمالين إشارة لمَهَمَّة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي أنَّ عليه البلاغ، أما الهداية فمن الله، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٧٢]، وقال: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: ٥٤].
(٣) أعاد بعض المفسِّرين الضميرَ في «ذكره» إلى الله، والمعنى: فمن شاء من العباد ذكرَ الله. غير أن سياق الآيات يدل على الأوَّل؛ لأن الحديثَ عن القرآن قبل هذه الآية وبعدها، والله أعلم.