١٣ - قولُه تعالى: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ﴾؛ أي: هذا القرآن مكتوبٌ في صُحُفِ الملائكة، وهي صُحُفٌ شريفةٌ رفيعةُ القدرِ (١).
١٤ - قولُه تعالى: ﴿مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾؛ أي: هي في مكانٍ عالٍ وقَدْرٍ رفيعٍ؛ لأنها بأيدي الملائكة، ولذا فإنَّ الدَّنَسَ لا يقربها.
١٥ - قولُه تعالى: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾؛ أي: هذه الصحف التي كُتب بها القرآن بأيدي رُسل الله من الملائكة الذين يؤدُّون عنه وحيَه إلى عباده (٢).
١٦ - قولُه تعالى: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾؛ أي: هؤلاء السَّفَرَةُ من الملائكة في مَرْتَبَةٍ شريفةٍ عند الله، حيث خصَّهم بِوَحْيِه (٣)، وهم كثيرو الخير، كثيرو
_________
(١) وقع خلافٌ في المراد بالصُّحُف، وهو مبني على الاختلاف في المراد بالسَّفَرة، على قولين:
الأول: أن السَّفَرة الملائكة، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، وابن زيد، ونسبه ابن كثير إلى مجاهد والضحَّاك.
الثاني: أن السَّفَرة القُرَّاء، قاله قتادة من طريق سعيد، وذكر ابن كثير عن وهب بن منبِّه، قال: هم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم.
والقولُ الأول أرجح؛ لدلالة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الماهرُ بالقرآن مع السَّفَرَةِ الكرامِ البَررة...» فوصفَهم بما ورد في هذه الآيات، وحملُه عليه أولى، ثم إن وصفَ المؤمنين في القرآن جاء على صيغة «الأبرار»، لا البرَرَة، مما يُشعر أن المعني بهذا الوصف الملائكة.
(٢) عبَّر ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وقتادة من طريق معمر، عن السَّفَرة بأنهم الكَتَبَة، كما عبَّر قتادة من طريق سعيد بأنهم القراء، وتأويل السَّفرة بالرسل يشمل هذه المعاني، قال الإمام الطبري: «وأوْلى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الملائكة الذين يسفرون بين الله ورُسُلِه بالوحي... وإذا وُجِّهَ التأويلُ إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتبة، والذي قاله القائلون: هم القُرَّاء؛ لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتسفر بين الله وبين رُسُلِه».
(٣) الكريم: هو الشريف في جنسه، وقد وصف الله الملائكة بهذا الوصف في قوله تعالى: ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار: ١١].