٢٣ - قولُه تعالى: ﴿كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾؛ أي: ليس الأمرُ على ما يظنُّه من اشتدَّ كُفرهُ من أنه أدَّى حقَّ الله، بل إنه لم يؤدِّ أوامرَ الله التي أنزلها على رسوله صلّى الله عليه وسلّم (١).
٢٤ - قولُه تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾؛ أي: فَلْيَعْتَبر هذا الكافر (٢) مُستعيناً بما وهبَه الله من النظر بعَيْنَيْهِ إلى الأحوال التي يمرُّ بها طعامه، حتى يصل إليه، فإنه لو اعتبرَ لتَرَكَ كُفره (٣).
٢٥ - قولُه تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾: هذا البدءُ بذكر أحوالِ الطعام، والمعنى: فلينظُر إلى إلقائِنا المطرَ من السماء إلى الأرض بغزارة وقوة (٤).
٢٦ - قولُه تعالى: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا﴾؛ أي: لما أنزلنا هذا المطر على الأرضِ واستقرَّ بها مدَّةً، أنبتَ النباتَ، ففتقَ هذا النباتُ الأرضَ وخرجَ منها.
٢٧ - ٢٩ - قولُه تعالى: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا *وَعِنَبًا وَقَضْبًا *وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً﴾؛ أي: فأنبتنا في هذه الأرض المتشقِّقة: الحبوبَ، وكُرومَ العِنَبِ، والعَلَف (٥)، والزيتون، والنخيل، وكلها كانت معروفة لهم يستفيدونَ من شجرها وثمرها.
_________
(١) قال مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: «لا يقضي أحدٌ أبداً ما افتُرض عليه». وهو بهذا يجعل الضمير في «يقض» عامًّا للكافر والمؤمن، ويكون المؤمن على قوله هذا داخلاً في معنى هذه الآية، وهذا القول صحيح في التفسير؛ لأن الآية ـ وإن كانت نازلة في الكافر ـ تَصْدُقُ على المؤمن قياساً، والله أعلم.
(٢) الخطابُ هنا للكافر، وهو وإن كان نازلاً فيه أولاً، فإنه لا يعني أنه مختصٌ به، بل يدخلُ معه غيره؛ لأن الاعتبارَ مطلوبٌ منه ومن المؤمن، والله أعلم.
(٣) قال مجاهد: «قوله: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾: آية لهم».
(٤) قُرِئَ: «إنا» على الاستئناف؛ أي أنه استأنف الخبر مبيِّناً الأحوالَ التي يمرُّ بها الطعام، والقراءة الأخرى «أنا» على البدل، وهو بدل اشتمال، وهذا يعني أن الأحوال المذكورةَ التي يمر بها الطعام، هي محلُّ النظر والاعتبار، والله أعلم.
(٥) وردت عبارة السلف عن القضب كالآتي: عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة: =