٣٠ - قولُه تعالى: ﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾؛ أي: وبساتينَ قد أحيطَ عليها بسُور من شجر أو حَجَر أو غيره، وهذه البساتينُ شجرُها عظيمُ الجذعِ، ملتفٌّ بعضُها على بعضٍ لطولها (١).
٣١ - قولُه تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾؛ أي: وأنبتنا بهذا الماء المنصبِّ:
_________
= الفَصْفَصَة، وعن قتادة من طريق سعيد: الفَصَافِص، وعن الضحاك من طريق عبيد: الرَّطْبَةُ، وعن الحسن من طريق يونس: العَلَفُ.
وقال ابن جرير: يعني بالقَضْب: الرَّطْبَةُ، وأهل مكة يسمون القَتَّ: القَضْبَ.
وهذا يعني أن القضْبَ له أكثر من مسمَّى، فعبَّر عنه كل واحد منهم بأحد أسمائه، وهي: العَلَفُ، والرَّطْبَةُ، والقَتُّ، وهو البَرْسِيمُ كذلك.
وإن حُمل تفسير السلف على المثال لا التعيين في هذا الموضع، فإن القضبَ يطلق على ما يُقْضَبُ من النبات؛ أي: يُقطع ثم ينمو، ويشمل ذلك أصنافاً كثيرة تشبه العلف في هذا الوصف؛ كالجرجير والكرَّاث والنعناع، وغيرها، والله أعلم.
(١) قال أبو جعفر الطبري: «وقوله: ﴿غُلْبًا﴾؛ يعني: غلاظاً، ويعني بقوله: ﴿غُلْبًا﴾: أشجاراً في بساتين غِلاظ... وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل، على اختلافٍ منهم في البيان عنه». ثم ذكر الرواية عن السلف كالآتي:
١ - ما التفَّ واجتمع، عن ابن عباس من طريق كُلَيْب بن شهاب.
٢ - الطَّيِّبة، عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
٣ - نبت الشجر كله، عن ابن عباس من طريق كليب بن شهاب، ومن طريق عكرمة: الشجر يستظل به في الجنة.
٤ - الطِّوال، عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
٥ - النخل الكرام، عن قتادة من طريق سعيد ومعمر.
٦ - العِظام، عن ابن زيد: عظام، النخل العظيمة الجذع، وعن عكرمة: عظام الأوساط.
وإذا تأمَّلْتَ هذه الأقوال وجدتها تأتلفُ ولا تختلِف كما قال ابن جرير، فالغُلب: العظيمة الجذع، وهو تعبيرُ عكرمة، ومثَّلَ له ابن زيد بالنخل، وإذا كانت عظيمة الجذع، فإنها ستلتف وتجتمع كما قال ابن عباس، وهي نبت الشجر كله، وهو الشجر الطويل كما قال ابن عباس، فنبَّه على أن الشجر يصلح أن يكون بهذه الصفة، والعادة جرت على طيب شجر هذه الحدائق، وهو تفسير مجاهد، والله أعلم.