حتى يدفِنكِ أهلُك، فيقتلونَكِ بهذا الدفن (١)؟، وهذا فيه تبكيتٌ لقاتِلها، وتهويلٌ للموقف الذي يُسأل فيه المجني عليه، فما ظنُّكَ بما يلاقيه الجاني لهذه الجنايةِ البشعة؟.
١٠ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾؛ أي: وإذا ما كُتِبَتْ به أعمالُ العبادِ من الصُّحف قد فُتحت، ليقرأَ كلٌّ كتابَ أعمالِه؛ كقوله تعالى: ﴿اقْرَا كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: ١٤].
١١ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾؛ أي: وإذا نُزِعَتِ السماءُ كما يُنزعُ الجلدُ من الذبيحة (٢).
١٢ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾؛ أي: وإذا نارُ الجحيمِ أُوقِدَت، فزاد حرُّها.
١٣ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾؛ أي: وإذا الجنةُ التي أُعِدَّت للمتقين، قُرِّبَت وأُدْنِيَت (٣).
١٤ - قولُه تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾؛ أي: إذا وَقعت هذه
_________
(١) لا يخفى عليك أيها القارئُ ما تقومُ به الحضارة المعاصِرة من الوَاد، وذلك ما يسمَّى بالإجهاض.
(٢) قال مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: جُذِبَت، وهذا من لوازم الكَشْطِ؛ لأنه لا يكون كَشْطٌ إلا بِجَذْبٍ، والله أعلم.
وهذه أحدُ الأحوالِ التي تمرُّ بها السماء في يوم القيامة، ومن أحوالها ما ذكرَهُ الله في قوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، وقوله: ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ [الرحمن: ٣٧]، وقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١]، وغيرها.
(٣) قال الربيع بن خثيم ـ في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ *وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ ـ: «إلى هذين ما جرى الحديث: فريق إلى الجنة، وفريق إلى النار». وشرح الطبري قوله هذا فقال: «يعني الربيع بقوله: «إلى هذين ما جرى الحديث»: أن ابتداء الخبر ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ إلى قوله: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ إنما عدِّدت الأمور الكائنة التي نهايتُها أحد هذين الأمرين، وذلك المصير إما إلى الجنة، وإما إلى النار».