سورةُ المطِّففين
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لما قدِمَ نبيُّ الله صلّى الله عليه وسلّم المدينةَ، كانوا من أخبثِ الناسِ كَيْلاً، فأنزل الله: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾، فحسَّنوا كَيلَهُم.
١ - قولُه تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾: يتوعَّدُ اللَّهُ سبحانَه بالهلاكِ والخسارة، الذين يبخسونَ حقَّ الناس بأخذ القليلِ منه: إما بنقصِ كَيْلِ الناس ووزنِهم، وإما بزيادتهم كيلَ أنفسِهم ووزنه على حساب الناس.
٢ - ٣ - قولُه تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ *وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾: هذا بيانٌ للتطفيفِ الذي يكونُ من هؤلاء المطفِّفين، وذلك أنهم إذا أخذوا كيلَهم أو وزنَهم من الناس أخذوه تامًّا غير ناقصٍ، وإذا أعطوا الناسَ كيلهم أو وزنهم نقصوا منه الشيءَ القليل، ظلماً منهم ولؤماً (١).
_________
(١) في الآية قولٌ آخرَ ذكرهُ الطبري عن عيسى بن عمر النَّحْوي، وهو أن تكون «هم» من قوله: كالُوهم ووزَنُوهُم من ضمير الكائلين والوازنين، لا من ضميرِ الناسِ المكيلِ لهم، ويكون الوقف صالحاً على «كالوا» و «وزنوا»، ويكون المعنى: «إذا كالوا للناس هم يُخسرون»، قال الطبري: «... ومن وجَّه الكلام إلى هذا المعنى، جعل الوقف على «هم»، وجعل «هم» في موضع نَصب.
وكان عيسى بن عمر ـ فيما ذُكر عنه ـ يجعلهما حرفين، ويقف على «كالوا»، وعلى «وزنوا»، ثم يبتدئ: «هم يُخسرون». فمن وجَّه الكلام إلى هذا المعنى، جعل «هم» في موضعِ رفعٍ، وجعل «كالوا» و «وزنوا» مكتفيين بأنفسهما.
والصوابُ في ذلك عندي، الوقف على «هم»؛ لأن «كالوا»، و «وزنوا» لو كانا مكتفيين، وكانت «هم» كلاماً مستأنفاً، كانت كتابة «كالوا» و «وزنوا» بألف فاصلة بينها =