القرآن في الاستفهامِ عن سِجِّين، وبيَّن أن كتابَهم قد فُرِغَ منه، فلا يُزادُ فيه ولا يُنقص منه (١)، ولا يزولُ رَقْمُهُ كما لا يزول الخيطُ الذي على الثوب، والله أعلم.
١٠ - ١١ - قولُه تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ *الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾؛ أي: يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمينَ فالهلاك والثبور لمن كذَّبَ بيوم الجزاءِ والحساب.
١٢ - قولُه تعالى: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾؛ أي: ما يقعُ التكذيبُ بيوم الدِّين إلا من كلِّ من هو متجاوزٌ لما أحلَّ الله، مرتكِبٌ لما حرَّمَ الله.
١٣ - قولُه تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾؛ أي: من صفةِ هذا المعتدي الأثيمِ أنه إذا قُرئت عليه آياتُ القرآنِ قال عنها: إنها شبه الأقاصيصِ المكذوبةِ والمخترَعَةِ على السابقين من الأمم.
١٤ - قولُه تعالى: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾؛ أي: ليس الأمرُ كما يقول هذا المكذِّب في القرآن، ويعتقدُ في البعث، ولكن غلبَ على قلبه وغطَّاه ما كسَبَهُ من الذنوب، فجعَلَتهُ لا يُبصرُ الحق، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أذنبَ العبدُ نُكِتَ في قلبه نُكْتَةً سوداء، فإن تاب، صقلَ منها، فإن عاد، عادت، حتى تعظم في قلبه، فذلك الرَّانُ الذي يقول الله: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (٢)».
_________
= فيقول الله: اكتبوا كتابَه في أسفل الأرض في سجِّين في الأرض السفلى.
وقد وردَ في تفسير سجِّين حديثٌ يُنسبُ إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو لا يَصِحُّ عنه: «الفلق جُبٌّ في جهنَّم مغطَّى، وأما سجِّين فمفتوح»، قال عنه ابن كثير أنه حديث غريب منكر لا يصح.
(١) قال ابن كثير: وقوله: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾: ليس تفسيراً لقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾، وإنما هو تفسيرٌ لما كُتبَ لهم من المصير إلى سجِّين؛ أي: مرقوم: مكتوبٌ مفروغٌ منه لا يُزادُ فيه أحد، ولا يُنقصُ منه أحد، قاله محمد بن كعب القرظي.
(٢) هكذا وردَ تفسيرُ السلفِ لهذه الآية، وقد ذُكر عن مجاهدٍ صفة غَشَيانِ الرَّيْنِ، قال =