٢٩ - قولُه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾؛ أي: إنَّ الكفارَ الذين اكتسبوا المآثم، كانوا في الدنيا يهزأون بالمؤمنين ويضحَكون منهم (١).
٣٠ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾؛ أي: وإذا مرَّ الكفَّار بالمؤمنين، أشاروا إليهم: إمَّا باليد، وإمَّا بالعينِ، سُخْرِيةً واستِهْزاءً (٢).
٣١ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾؛ أي: وإذا عادَ هؤلاءِ الكفارُ إلى بيوتهم بعد أعمالهم هذه التي عَمَلوها للمؤمنين، عادوا وهم متلذِّذون بما فعلوا.
٣٢ - قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ﴾؛ أي: وإذا قابلَ هؤلاءِ الكفار المؤمنين، فرأَوْهُم، قالوا مُصْدِرينَ الحكمَ عليهم: إنَّ هؤلاء الذين آمنوا لتائِهونَ عن الحق؛ لأنهم ليسوا على ديننا.
٣٣ - قولُه تعالى: ﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾: هذا تعقيبٌ من الله على هؤلاء الكفارِ الذين يُصْدِرونَ مِثْلَ هذه الأحكام، بأنَّ الله لم يبعثهم رسلاً ليسَجِّلوا على المؤمنين أعمالَهم!.
_________
= أما الأوصافُ الأخرى فقد وردت عن صحابيين وجمعٍ من التابعين، وكونه أعلى الجنة مأخوذٌ من مدلولِ لفظ تسنيم؛ لأن مادة «سنم» تدل على الارتفاع، والله أعلم.
فائدة: الأصلُ أن يُحْمَلَ الإعراب على الوارد عن السلف في التفسير، وقد كان هذا منهج الإمام الطبري، ومن ذلك هذا الموضع، فبعد أن ذكر أقوال المعربين من نَحْوِيِّي البصرة والكوفة للفظ «عيناً»، قال: «والصواب من القول في ذلك عندنا: أن التسنيمَ اسمٌ مَعْرِفَة، والعين نكِرة، فنُصبت لذلك إذ كانت صفة له.
وإنما قلنا: ذلك هو الصواب، لما قد قدَّمنا من الرواية عن أهل التأويل: أن التسنيم هو العين، فكان معلوماً بذلك أن العينَ إذ كانت منصوبة، وهي نكرة، أنَّ التسنيم معرفة»
.
(١) جاء فعل الضَّحِكِ مضارعاً، للدلالة على تكرُّر هذا الحدث منهم، وهذا الفعلُ حكاية عنهم في الدنيا بدلالة قوله: «كانوا» التي تدل على الماضي، ودلالة قوله: «فاليوم الذين آمنوا...».
(٢) جاء الفعل «يتغامزون» مضارعاً، للدلالة على تكرُّر الحدث أو لاستحضاره في ذهن السامع.


الصفحة التالية
Icon