واحتج بما شاهد من كلامي عليه إبّان كنت أليح (١) إلى من حضر من المسلمين بأنوار الفجر في مجالس الذكر.
وجذب مع نفسه جماعة لجُّوا بلجاجه، وعجُّوا (٢) بعجاجه.. وصمَّمُوا على أن العذر لا يلوح في هذا، لأن تلك الأقوال التي كنا نسمع، لو تقيدت في قراطيس، لكانت رحضاً لو ضر الجهالة، وحسماً لداء الحسادة، وَبَهْتاً لمن أحظر عناده، ولعمّت منفعتها من تقبلها وردّها، ومثلها كالغيث إذا همع (٣) أصاب الأباطح والرياض، وصاب (٤) على الحدائق والغياض. فيكون منها طائفة تمرّ عليها كالسيل في الانحدار، وأخرى تقبلته فحفظته على من يرد مع مرور الأعصار، وثالثة صرفته بوجوه التفطن والاستبصار، ورابعة جمعت فيه بين العلم به والعمل في الأذكار.
قالوا: ولو لم نشاهد إيرادك فيه لما يعجز أهل الوقت، ويوجب عليهم في ترك الاعتراف لك بالمقت، ولا سمعنا منك تلك الدرر،

(١) أبدى.
(٢) من العجيج وهو رفع الصوت والصياح.
(٣) سال.
(٤) نزل.


الصفحة التالية
Icon