استدراكه في بلده وهو فتى، على شيخ بلدي في معرفته وسنه. وكان ذلك بما رغبني في تحصيل العربية وضبط غريب الحديث. وقرأنا فيها كتاب أبي داود برواية التمار (١).
ثم خرجت عنها تارة متساحلين نقطع البحر قطع القفر، وحالة مُصحِرِينَ نطوي السباسب (٢) طيّ التجار للسَّبَائِب (٣)، فلقيت ببُونَة (٤) فقيهَها المسمى بسعد (٥) من أصحاب السُّيُوريّ (٦) شيخ متوسط في الطريقة.
ودخلنا تُونُسَ فكان بها قوم دون هذا الشيخ في المرتبة، وعندهم صلاح وإقبال على الأعمال.
ثم دخلت سُوسَةَ والمَهْدِيَّة (٧)، فلقيت بها جملة من أصحاب السيوري،

= تهذيب اللغة للأزهري: ١٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣، غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام: ١/ ٤٠، الفائق للزمخشري: ١/ ٤٢٠، النهاية لابن الأثير: ٢/ ١٠٩.
(١) يعني سنن أبي داود، وقد رواها عنه ثمانية أحدهم التمار، وهو محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق المشهور بابن داسة، وقد وصلت إلينا بعض المخطوطات بروايته، اعتمد على واحدة منها صاحب عون المعبود: ٤/ ٥٤٧، وانظر فهرست ابن خير: ١٠٣، تهذيب التهذيب لابن حجر: ٤/ ١٧٠.
(٢) أي القفار.
(٣) أي للكتان الرقيق.
(٤) بونة أو (عَنابَة) مدينة ساحلية بالقطر الجزائري، وتعد أكبر الموانيء الشرقية، ورابع المدن الجزائرية حجماً، ومن أشهر المراكز الصناعية. معجم البلدان: ١/ ٥١٢.
(٥) لم أتمكن من الوقوف على ترجمته فالله أعلم به.
(٦) هو أبو القاسم عبد الخالق بن عبد الوارث التيميمي المعروف بالسيوري القَيْروَانِي (ت: ٤٦٠) كان زاهداً دَيِّناً نَظَّاراً آية في الدرس والصبر عليه. ترتيب المدارك للقاضي عياض: ٤/ ٧٧٠ (ط: بيروت: ١٩٧٦) معالم الإيمان للدبَّاغ: ٣/ ١٨١ - ١٨٤، الديباج لابن فرحون ١٥٨، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٨/ ٢١٣.
(٧) سُوسَة ثالث مدن تونس، تقع على الساحل الشرقي على الجانب المغربي من خليج الحَمامات، =


الصفحة التالية
Icon