وَسَلَامهُ، وينال كل من ذكرني عنده بره وإكرامه.
فانظر (١) إلى هذا العلم الذي هو إلى الجهل أقرب، مع تلك الصبابة اليسيرة من الأدب، كيف أنقذت من العطب، وهذا الذكر يرشدكم -إِنْ عَقَلْتُمْ- إلى المطلب.
وسرنا حتى انتهينا إلى ديار مصر، فألفينا بها جماعةً من المُحَدثِينَ والفقهاء والمتكلمين، والسلطان عليهم جَرِي (٢)، وهم من الخمول في سرب خفي، ومن هِجْران الخلق بحيث لا يرشد إليهم جَرِيء، لا ينسبون إلى العلم ببنت شفة، ولا يَنْتَسِبُ أحَدٌ منهم في فن إلى المعرفة، بَلْهَ الأدب، فنظرنا فيه مع قوم، منهم أبو عبد الله محمد بن قاسم العثماني (٣)، والسالمي (٤)، وشعيب العَبْدَرِي (٥) وآخرون سواهم ذكرناهم في موضعهم وسميناهم (٦).
وترددت في لقاء الناس بين أسفل وفوق، بما كنت فيه من المعارف

(١) استأنف المِقرِي النقل حتى قوله ديار مصر. وكذا الرهوني ومخلوف.
(٢) الجَرِيُّ هو الوكيل، والسلطان الذي يعنيه ابن العربي هو معد بن الظاهر بن الحاكم بأمر الله، خامس خلفاء مصر من بني عبيد (٤٢٠ - ٤٨٧) انظر: النجوم الزاهرة لابن تغري: ٥/ ١٤٠.
(٣) لم أعثر على ترجمة له فيما رجعت إليه من كتب التراجم والتاريخ، وقد ذكره المؤلف في العارضة: ٤/ ٤٤، وابن خير في الفهرست: ٤١٤.
(٤) لم أتمكن من معرفته.
(٥) هو أبو محمد شعَيْب بن سعيد العَبْدَرِي من أهل طَرْطوشَة، سكن الإسكندرية، ابن بَشْكُوَال الصلة: ١/ ٢٣٤، ابن الأبار: التكملة: ١/ ٢١٣ (ط: القاهرة).
(٦) في كتاب "ترتيب الرحلة" و "عيان الأعيان".


الصفحة التالية
Icon