فأعجب الفهري ذلك، والتفت إلى عطاء وقال له: قَيَّضَت (١) فِرَاخُنَا! فقال له عطاء: بل طارت.
وذلك في الشهر الخامس أو السادس من ابتداء قراءتي.
وكنا نفاوض الكَرامِية (٢) والمُعْتَزِلَة والمُشَبِّهَة (٣) واليهود، وكان لليهود بها حَبْرٌ منهم يقال له: التُّسْتَرِي، لَقِناً فيهم، ذكياً بطريقهم. وخاصمنا النصارى بها، وكانت البلاد لهم، يأكرون (٤) ضياعها، ويلتزمون أديارهم، ويعمرون كنائسها.

(١) أي خرجت من البيضة، انظر ترتيب القاموس المحيط: ٣/ ٧٢٤.
(٢) الكَرامِية هم أتباع أبي عبد الله محمد بن كَرام السجسْتَانِي (ت: ٢٥٥) يوافقون أهل السنة (السلف) في إثبات الصفات ولكنهم يبالغون في ذَلك إلى حد التشبيه والتجسيم، وكذلك يوافقون السلف في إثبات القدر والقول بالحكمة، ولكنهم يوافقون المعتزلة في وجوب معرفة الله بالعقل، وفي الحسن والقبح العقليين، وهم يعدون من المرجئة لقولهم بأن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب. الفِصَل لابن حزم ٤/ ٤٥، ٢٠٤، ٢٠٥، التبصير في الدين للإسفراييني: ٦٥، الملل والنحل للشهرستاني: ١١١ - ١١٧، وانظر كتاب الدكتور سهير مختار "التجسيم عند المسلمين" (ط: القاهرة: ١٩٧١).
(٣) يقول التهانوي في كَشَّاف اصطلاحات الفنون: ٤/ ١٩٤ (ط: تراثنا) "المشبهة على صيغة اسم الفاعل من التشبيه، وهو يطلق على فرقة من كبار الفرق الإِسلامية شبهوا الله بالمخلوقات ومثلوه بالحادثات"، وانظر أصول الدين للبغدادي: ٧٣، والفرق بين الفرق: ٤٠ له، الشهرستاني: الملل والنحل: ١١١، دائرة المعارف الإِسلامية مادة "التشبيه" ومادة "جسم". قلت وينبغي أن ينصرف إطلاق لفظ "المشبهة" كذلك على من يُشَبهونَ المخلوق بالخالق في العبادة والتعظيم والخضوع والحلف به، والنذر والسجود له، والاستغاثة به، وغيرها من معاني الشرك، فهذا المصنف من الناس هم المشبهة حقاً كما قال ابن تيم الجوزية في إغاثة اللهفان ٢/ ٢٣٢، وانظر ابن تيمية: الفتاوى ٤/ ١٤٦، وبيان تلبيس الجهمية: ١/ ٤٧٦، الشهرستاني: الملل والنحل، ١٠٥، الأشعري: مقالات الإِسلاميين ١/ ٤/ ٢، البلخي: البدء والتاريخ: ٥/ ١٤٨، ابن عساكر تبيين كذب المفتري: ١٤٩.
(٤) أي يحفرون الأرض ويحرثو


الصفحة التالية
Icon