فرمقني منكراً! وقال لِمَا رأى عَلَيَّ من صغر السنن متعجباً: أنَّى لك هذا؟.
فقلت: أمر ظهر إِلَيَّ، وأعرضت عنه لئلا يتصل الكلام فيفطن لي.
وخرجت بعد ذلك إلى مجلس مسجد الإِسلام مؤيد السنة أبي سعد الحُلْوَاني (١) بدرب الجاكرية، ولما دخلت عليه جلست في مجلس متوسط منه وهم يتكلمون، فلما فرَغُوا من تلك المسألة وأخذوا في أخرى وهي البكر الزانية هل تستنطق في النكاح، فاستدل شافعيّ منهم على أن حكمها حكم الثيبِ، فقال لي الحُلْوَاني: أيها الشيخ، إن كان عندك علم فتكلم.
وَخَصَّنِي حين رآني ارتقيت إلى مجلس رفيع، وتهمم بي، فقلت: إن أذن سيدنا فعلت.
فقال: نعم.
فقلت: استدل الشيخ الِإمام بقول النبي - ﷺ -: "الثيبُ يُعْرِب عَنْهَا لِسَانهَا" [وهذه ثيب، وهذا لا حجة فيه لأن النبي - ﷺ - قال: "الثَّيب يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا]، وَالبِكْرُ تُسْتَأمَرُ في نَفْسِهَا" (٢) فعلق الحكم على الثيوبة والبكارة،

(١) هو يحيى بن علي البزاز، من كبار الأئمة الفقهاء له كتب في الفقه والأصول تولَّى التدريس بالنِّظَامِية (ت: ٥٢٩) طبقات الشافعية: ٧/ ٣٣٧، العبر: للذهبي: ٣/ ٣٠١.
(٢) رُوِيَ بِنَحْوِهِ في مسلم في النكاح رقم: ١٣٢١، والموطأ في النكاح: ٢/ ٥٢٤، والترمذي في النكاح رقم: ١٠٠٨، وأبو داود في النكاح رقم: ٢٠٩٨، والنسائي في النكاح: ٦/ ٨٤.


الصفحة التالية
Icon