وإن نظرنا في أعمالنا لم ننظر فيها من حيث أنها حركات تجلب منفعة أو تدفع مضرة، وإنما ننظر فيها من حيث أنها خدمة الله أو تخالف أمر الله، فالمقصود بكل نظر وفي كل قول وعمل إنما هو الله سبحانه.
وحين استنورت الطريق، ولاحت لي جادةُ التحقيقِ، وتحقَّقَ عندي أن كتاب الله هو المرشدُ إليه، والدليلُ عليه، لم آل في الترقي إلى دَرَجِ المعرفة، وإذا لم يأت العبدَ من الله سداده، ولا كان من بحره استمداده، لم يغن عنه اجتهاده.
فقرأت (١) من كتب التفسير كثيراً، ووعيت من حديث رسول الله - ﷺ - عيوناً، كتفسير الثعَالِبِي (٢) الذي كان وقفاً في كتب الصخرة المقدسة، ونسخة الطرْطُوشِي (٣)، فزاد فيه ونقص فجاء تأليفاً له، وكتاب المَاوَرْدِي (٤) ومختصر (٥)

(١) جلّ هذه الكتب قرأها المؤلف - رحمه الله - كما صرح بذلك في العواصم: ٩٧ في دار الكتب بالمدرسة النظامية التي أنشأها الخليفة الناصر لدين الله سنة ٥٨٩، ونقل إليها عشرة آلاف مجلد. انظر: مرآة الزمان لليافعي: ٨/ ٤٢١، الكامل لابن الأثير: ١٢/ ١٠٤.
(٢) المسمى "الكشف والبيان" والثعَالِبِي أو الثَّعْلَبي (انظر تبصير المنتبه لابن حجر: ١/ ٢٠٨) هو أحمد بن محمد (ت: ٤٢٧)، وقد عني في تفسيره هذا باللغة والقراءات والحديث والآثار والأحكام الفقهية، بالإضافة إلى العناية بأقوال الصوفية، ومن أهم مميزات هذا التفسير العناية بالسند في نقل الأخبار والآثار، وتوجد منه عدة نسخ في مختلف مكتبات العالم منها: في دار الكتب بالقاهرة رقم: ٧٩٧ تفسير.
(٣) هو أبو بكر محمد بن الوليد القُرَشي الفِهْري الأندلسي الطرْطُوشِي الأديب الفقيه الحافظ (ت: ٥٢٠)، لم يصل إلينا هذا التأليف الذي أَشار إليه ابن العربي، ولكن ابن خير: ٥٩ ذكره تحت عنوان "مختصر الكشف والبيان".
(٤) المسمّى "النُّكَت والعُيُون" والماوردي هو أبو الحسن علي بن محمد البَصْري المعروف بالمَاوَرْدِي. (ت: ٤٥٠) وطُبِعَ تفسيره المذكور في الكويت: ١٩٨٣ تحت إشراف وزارة الأوقات.
(٥) لأبي يحيى محمد بن صُمَادح التُّجِيبِي (ت: ٤١٩) طُبِعَ بتحقيق محمد حسن أبي العزم الزفيتي ١٩٧٠ بالقاه


الصفحة التالية
Icon