ويدلّ إتقان جبلّته وإحكام صنعته على أنه عالم (١)، إذ لا يصح تقديرُ موجد لا علم له ولا قدرة ويتحقق بعد أنه حَيٌّ، إذ القدرةُ والعلم يستحيل وصف الموات بهما.
قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
قال سبحانه: ﴿هُوَ الْحَيُّ﴾ [غافر: ٦٥] (٢).
ويثبت عنده أنه مريد لأنه يرى نفسه على أحوال وصفات تقرر عنده أن كون المحل على غيرها بدلاً منها ممكن، فلا بدّ والحالة هذه من معنى تستند إليه هذه الخصيصة، وهي صفة شأنها تمييز الشيء عن مثله وهي الإرادة، عبر عنها قوله سبحانه: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج: ١٦] (٣).
ليس عليه حَجْرٌ، ولا فوقه أحد (٤).

(١) انظر الأمد: ٦٤/ أوالسراج: ٤٤/ أ، واللمع ٢٤، التمهيد: ٢٦، الإنصاف: ٣٥، الشامل: ٦٢١، الاقتصاد ١٣٠، ولمعرفة رأي أهل السنّة (السلف) انظر: شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ٢٤.
(٢) هذا الطريق في إثبات كون الصانع حياً هو الذي صار إليه معظم أئمة الكلام كما قال الجويني في الشامل: ٦٢٢. وللتوسع في هذه الصفة انظر: الأمد: ٧٢/ أ، اللمع: ٢٥، الإرشاد للجويني: ٦٣، الاقتصاد: ١٣١.
(٣) للتوسع في صفة "الإرادة" انظر: الوصول إلى معرفة الأصول للمؤلف لوحة ٢٦، المتوسط: ٣٢ - ٣٩، الأمد: ٧٣/ أ، اللمع: ٣٧، ٤٧، التمهيد: ٢٧، الإنصاف: ٣٦، أصول الدين: ١٠٢، الإرشاد: ٦٣ وفي مواضع أخرى، نهاية الأقدام: ١٠٧، الاقتصاد: ١٣١.
(٤) ولخص ابن العربي أوصاف الباري تعالى في عبارة جامعة هي قوله: "لا إشكال في دلالة العقل على وجوب هذه الأوصاف، فالوجود يدل على القدرة، والإتقان على العلم، وتعيين أحد جائزي الوجود من صفة وهيئة على الإرادة، وأيضاً فإن الفعل لا يتحصل للفاعل على ما لم يقصده ويؤثره، هذا هو المعقول فيه، وذلك لضمن العلم بكونه حياً، لأن العالم القادر المريد يستحيل ألاَّ يكون حيا". المتوسط ٣٠.


الصفحة التالية
Icon