درجَاتٍ، ليأخذ فريقاً حكمُ الهدى والنجاة، وآخرَ قضاء الضلال والهلكة، لتحق الكلمةُ، وتمتلىءَ جهنمُ والجنة.
فمن خَفِيِّ أدلته ضربُ الأمثال، وهو سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١].
والمِثْلُ بكسر الميم وفتحها وإسكان الثاء وفتحها عند قوم بمعنى واحد، كقولهم: شِبْهٌ وَشَبَهٌ، وعند المحققين (١): المِثْلُ بكسر الفاء وإسكان العين، عبارة عن شَبَهِ المحسوس، وبفتحها عبارة عن شبه المعاني المعقولة، فالإنسان مخالف للأسد في صورته، مشبه له في جرأته وحدته، فيقال للشجاع أسد أي يشبه الأسد في الجرأة، وكذلك يخالف الإنسان الغيث في صورته، والكريم من الإنسان يشابهه في عموم منفعته (٢). وأنتم عارفون بشبه المعاني، فلا معنى للإطناب معكم فيه، وإذا عرفتم هذه الحقيقة، فقد ضرب الله لنفسه الأمثال في مواضع كثيرة من كتابه في معاني توحيده وربانيته، قال:
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ -إلى قوله: تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ [النور: ٣٥].
(٢) انظر: ابن سيده: المخصص: ١٢/ ١٥٣، ابن فارس: مقاييس اللغة ٥/ ٢٩٦.
(*) وللتوسع في معرفة آراء المؤلف في هذا الموضوع، انظر: قانون الأسكريال ٣٢/ ب، العارضة: ١٥/ ٢٩٥ (حيث أحال على قانون التأويل)، العواصم: ٣٦٥.