فإن الشعاع المنبثّ من النور لم يصل إليه، فلم ير ما في الزنا من الفحشاء، وكذلك جميع المحرمات. وقال:
"لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتى أكُونَ أحَب إِلَيْهِ مِنْ أهْلِهِ وَمَالِهِ وَالناسِ أجْمَعِينَ" (١).
وهذا مطرح للشعاع ضيق، ونقصان مؤثر ذاهب إلى العدم، وتحقيق للظلمة في القلب وقال: "لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" (٢).
فهذا محل من المعرفة، ومجال للتكليف لم ينته إليه الشعاع، ولا كانت للنور فيه إضاءة، فلما أظلم عليه اقتحم الإِذَايَةَ للجار، وهي حالة نقصان لا تقتضي عدم الإيمان.
وهكذا تركب عليه جميع أنواع التوحيد، من معرفة ذات وصفات وخصائص الرسول وجميع أعمال الطاعات، وتدريج بعضها على بعض في المراتب فيما تقدم، وفيما يتعلق به من كفر وَفِسْقٍ وتبديع، ومقابلة ظاهر بتأويل، ويدخل في مهامه من التفسير لا عمارة لها (٣)، وتركب بحوراً من المعارف لا ساحل لها.
(٢) نحوه في البخاري كتاب الأدب: ٧/ ٨٧، والإمام أحمد في المسند رقم: ٧٨٦٥ (ط: شاكر) والحاكم في المستدرك: ١/ ١٠، وانظر كتاب "حق الجار" للإمام الذهبي (ط: عالم الكتب- الرياض: ١٩٨٥).
(٣) في العبارة اضطراب.