الوجهين، والعبد من حكم الله بين لِمَّتَيْنِ، ومن كل شيء خلق سبحانه زوجين، وهذا بحر آخر من التأويل لا ساحل له.
وأصول الفضائل التي هي علامات النجاة للنفس باكتسابها لها، واكتسابها بخلع الله عليها أربعة: الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدالة (١).
أما الحكمة (٢) فهي العلم الذي تنزه عن تطرق الجهل والشك إليه والعمل بخلافه قال الله سبحانه: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ -إلى قوله- كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩].
وبها (تتطهر النفس عن البله والخبث، وذلك بأن تطيع داعي الحق وتعصي داعي الهوى، وأن تَحْكُمَ نفسك، ولا تُحَكِّم نفسك عليك، فتميل إلى رعونات البشرية، وتزيغ عن مقتضى الصفات الإلهية، وتركب عليها معنى الحكمة وتفسيرها وصواحباتها الثلاثة ومعانيها.
ووصف الله بالحكيم (٣) الذي هو أصل هذا العلم والتعليم، وكيف

(١) لا شك أن المؤلف رحمه الله قد تأثر بطريقة الفلاسفة والحكماء في محاولتهم حصر الفضائل الأخلاقية في الأمهات الأربعة: الحكمة، الشجاعة، العفة، والعدالة، ولكن الجديد عند ابن العربي أنه يستخرج أصول هذه الفضائل من الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبذلك يجعلها أموراً شرعية، بل نراه في العواصم (٢٥٢ - ٢٥٩) - يتتبع معانيها عند الفلاسفة بالنقد والتزييف.
(٢) انظر: العواصم: ٢٥٢، السراج: ١٥/ أ، بيان كشف الألفاظ: ٢٥٦، التعريفات: ٤٩، الكليات: ٢/ ٢٢٢ - ٢٢٤، كشاف اصطلاحات الفنون: ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٩ (ط: تراثنا).
(٣) انظر: شرح اسم الجلالة: "الحكيم" من الأمد: ٩٨/ أ- ب، ٩٩/ أ.


الصفحة التالية
Icon