ولفضل هذه الحالة، أقسم الله سبحانه بها فقال: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢].
وقيل التي أقسم الله بها هي التي تلوم على التقصير في الطاعة (١).
وقيل: لم يقسم الله قط بنفس، وإنما نفى القسم بها، وقوله: ﴿لَا أُقْسِمُ﴾ أصلية في النفي، وقيل: هي زائدة ولكن القسم على تقدير محذوف كأنه قال: أقسم برب يوم القيامة ونحوه (٢).
وأما النفس المطمئنة (٣) فهي التي استقرت وتمكنت، ولها في الاستقرار منازل (٤) لم يحط بها العلماء.
المنزلة الأولى: الطمأنينة بالتوحيد، حتى لا يكون بها انزعاج بريب.
المنزلة الثانية: الطمأنينة بذكر الله، حتى لا يكون لغيره عندها (٥) قدر، قال النبي - ﷺ - "سِيرُوا هذا جُمدان، سَبَقَ المُفَرِّدُونَ قَالُوا: وَمَا المُفَردُونَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: الذاكِرُونَ الله كَثِيراً والذاكِرَاتُ" (٦).
المنزلة الثالثة: الطمأنينة باليقين حتى لا يجري عليها وسواس، وهذا ليس لأحد (٧)، قال الله سبحانه لنبيه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
(٢) انظر أقسام القرآن لابن قيم الجوزية: ١٥ - ١١.
(٣) عرفها المؤلف في السراج: ٧٥/ أ، فقال: "هي التى سارت على الجَادَّة واستقرت في موطن الطاعة". وانظر: التعريفات: ١٢٧، كشاف اصطلاحات الفنون: ٦/ ١٤٠٢ (ط: خياط).
(٤) انظر هذه المنازل في السراج: ٧٦/ ب.
(٥) في السراج: حتى لا ترى لسواه لذة.
(٦) أخرجه مسلم في الذكر رقم: ٢٦٧٦ عن أبي هريرة.
(٧) في السراج: وهذا للأنبياء، فَإنْ تَطَرَّقَ دَفعَهُ بالتوحيد. وهذا للأولياء، فإنْ تَطَرَّقَ دفعه بالمجاهدة، وهذا للمؤمنين.