وأنا أقول إنه لو أقسم بها مقسم لما أقسم بها إلاَّ بالصيغة التي ذكر الله، مثل أن يقول: لا أحْلِف بمواقع النجوم أنه لقد كان كذا وكذا... والصحيح الاقتداءُ بقول النبي - ﷺ -: "مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ باللهِ أو ليَصْمُت" (١).
فقد أقسم الله بما أقسم، فقوله الحق، وَأمرَ النبي بما أمرَ، وَشَرْعُهُ متبع، وَيَحِقُّ للنفس أن تُعَظَّمَ فَإِنَ لها خصالًا وصفاتٍ، وهي جادة المعرفة وطريق التوحيد، وبينها وبين الجسد منازعات.
ذكر المنازعة بين الجسد والنفس
وقد قال النبي - ﷺ -: "إِذَا أصْبَحَ ابنُ آدَمَ كَفَّرَتْ أعضَاؤُهُ اللَّسَانَ تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإِنكَ إِذَا اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِذَا اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا" (٢).
فظاهر هذا أن الجسد تحت حكم النفس، وأنه يتقي الهلاك منها بما تلقي إليه، وَكَفَّرَ الجسد اللسان أي سَلَّمَ عليه بالخضوع والانحناء وهو
(٢) لفظ الحديث كما ورد عند الترمذي في الزهد رقم: ٢٤٠٩: "إِذَا أصْبَحَ ابنُ آدَمَ، فَإِن الأعْضاءَ كُلهَا تُكَفرُ اللِّسَانَ، فَتَقُولُ: اتقِ الله فِينَا، فَإِنمَا نَحْنُ بكَ، إن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإن اعْوَجَجَتْ اعْوَجَجْنَا" وأخرجه ابن خُزيمة في "صحيحه" والبيهقي في "شعب الِإيمان" وقال عنه شيخنا ناصر الدين الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير: ١/ ١٥٦.
والتكفير هو أن ينحني الإنسان ويطاطىء رأسه قريباً من الركوع، انظر الزمخشري: الفائق في غريب الحديث: ٣/ ٢٦٨، وابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: ٤/ ١٨٨.