وقيل المعنى أنه يورّعه بالله تعالى كما فعلت الصديقة حين قالت: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ١٨].
وهذا مثل ضربه الله لجناية اللسان على البدن، فإنه يتكلم بما فيه هلاكه وهلاك البدن معه.
ومن الرباط الذي بين الجسد والنفس مثال غريب ضربه العلماء، وأسنده بعضهم إلى النبي - ﷺ -، وإلى ابن عباس (١) ولم يصح، قالوا: "بَلَغَ مِنَ الخُصُومَةِ بَيْنَ الخَلْقِ يوم القيامة إلَى الروح وَالجَسَدِ، فيَقُولُ الرَّوح: رَبَ هَذَا الَّذِي عَمِلَ العَمَلَ، فَخَلدْ عَلَيْهِ العَذَابَ، فيَقُولُ لَهُ الجَسَد: وَمَا كُنْتُ أنَا؟ إِنَّمَا كُنْتُ أبْسُطُ بِهِ، وَأقْبضُ بهِ، وأعْمَلُ بهِ، وَأقُومُ بهِ وَأقْعُدُ، فَيُقَالَ لَهُمَا: أرَأيْتُمَا لَوْ أنَّ أعْمَى وَمُقْعَداً أُدْخِلَا حَائِطَاً مُثْمِراً، فَقًالَ البَصِيرُ لِلأعْمَى: أنَا لَا أنَالُهُ، فَقَالَ لَهُ الأعْمَى: أنَا أحْمِلُكَ عَلَى عُنُقِي حَتَّى تُدْرِكَهُ، فَأخَذَهُ فَحَمَلَهُ حَتَّى أخذ مِنَ الثمَرِ وَأكَلَا جَمِيعاً، عَلَى مَنْ يَكُونُ العَذَاب؟ فيقول: عَلَيْهمَا جَمِيعاً (٢).
ولعظيم موقع معرفة النفس من معرفة الرب قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ [الحشر: ١٩].
(٢) لم أعثر على هذا الحديث الباطل المكذوب على رسول الله - ﷺ - بنصه كما ذكره ابن العربي، وإنما وجدت في الموضوعات لابن الجَوْزِي: ٣/ ٢٤٩ حديثاً يشبهه عن أنس بن مالك، وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع، كما أورده السيوطي في اللآليء المصنوعة: ٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠ وعزاه إلى الدارقطني، وحكم عليه بالوضع كذلك، انظر الفتني: تذكرة الموضوعات: ٢٢٤.