وقع (١)، وقيّدوه بلغة قريش واختلفوا في التابوت (٢)، قال زيد: يكتب بالهاء، وقال سعيد: بالتاء فقال عثمان: يكتب بالتاء فإن القرآن نزل بلغة قريش، يريد وهي لغة قريش. وقد اتفقوا على قراءته بالتاء لا خلاف بينهم فيه، فأراد زيد أن تكون قراءته بالهاء، وكتبته مثله، وهي لغة الأنصار، فآثروا لغة قريش إذ بها نزل القرآن.
وكتبوا (كهيعص) الخمسة الأحرف موصولة، وكتبوا ﴿حم (١) عسق﴾ الخمسة الأحرف مفصولة، وكتبوا ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ [ق: ١] ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ [القلم: ١] حرف صوت لا حرف هجاء، أي: لم يكتبوه "قاف" ولا كتبوه "نون" ولو كتبوه هجاء لكان الأصح من الأقوال فيه قول من قال: إنه الحوت الذي تحت المخلوقات كلها، والقلم الذي فوق المخلوقات كلها (٣)، ولو كتبوه "قاف" حرف هجاء لظهر قول من قال: إنه الجبل المحيط بالأرض (٤)، ولو كان المعنى فيه ما قاله بعضهم من أنه شطر كلمة لكتب أيضاً

= حياة النبي - ﷺ - توفي رحمه الله سنة: ٤٢ وقيل ٤٣ أو ٤٥، انظر ترجمته: ابن سعد: الطبقات: ٢/ ٣٨٥، خليفة بن خياط: التاريخ: ٩٩، ٢٠٧، ٢٢٣، ابن قتيبة: المعارف: ٢٦٠، ٣٥٥، ابن الجزري: طبقات القراء: ١/ ٢٩٦.
(١) ينبغي التنبيه على أن جمع أجزاء المصحف كان في عهد أبي بكر، والنسخ في مصحف واحد والاقتصار على قراءة معينة كان من توجيه سيدنا عثمان رضي الله عنه، انظر حول جمع القرآن: ابن العربي: معرفة قانون التأويل: ٥/ أ (مخطوط الأسكريال: ١٢٦٤) أبا طالب المكي: الإبانة عن معاني القراءات: ٤٤ - ٥٢، ٦٨ - ٧٧، الباقلاني: الانتصار: ٣٥٤ وانظر نقد ابن العربي لكلام الباقلاني في العارضة: ١١/ ٢٥٨.
(٢) قال الباقلاني في الانتصار: ٣٨٦ ".. فإن قيل لم كتبوا التابوت بلغة قريش، ولم يكتبوه بلغة زيد؟ قيل: لأنها قراءة النيي - ﷺ - المشهورة، ولو كانت "التابوه" هي المشهورة لأثبتوها، ولو تساوتا في الاشتهار لأثبتوهما وخبروا بهما. فإن قيل كيف يكون "التابوت" قراءة ثابتة عنه - ﷺ - ولم يعلم زيد؟ قيل بل قد علم ذلك وإنما أراد "التابوه" لأنه توهم صحة نقل من نقل إليه... " انظر الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٢/ ٤٤١. ابن عطية المحرر الوجيز: ٢/ ٣٥٩ (ط: الأنصاري)، القرطبي جامع أحكام القرآن: ٢/ ٢٤٨.
(٣) لمعرفة الروايات التي قيلت في تفسير "ن" انظر السيوطي: الدر المنثور، ٦/ ٢٥٠.
(٤) هذا أثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن مجاهد كما ذكر السيوطي في الإتقان: ٣/ ٣٣، والدر المنثور: ٦/ ١٠١.


الصفحة التالية
Icon