الله عليهم أجمعين، وإليه وقعت الإِشارة بقوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الزخرف: ٣٢].
فأقرنه بنظيره يحصل لك منه باب من التفسير عظيم، واستعن عليه بما جمعناه في "خصائص محمد - ﷺ - ومعجزاته الألف" التي أمليناها عليكم في مجالس "أنوار الفجر" (١).
وهذا الكتاب بالقلم والدواة والقراءة بالصوت على كل لغة وعند كل أمة وفي كل معنى، معلم لآدم صلى الله عليه، وبهذه المزية في رأي جماعة ماز آدم الملائكة، فإنهم خلقوا للطاعة التي لا تتعداهم وهي التسبيح، وأعطي آدم العلم الذي يتعدى والمتعدي أفضل من اللازم (٢)، وذلك محقق فيما أمليناه عليكم في "أنوار الفجر" في ذكر التفضيل بين الملائكة والأنبياء، وقد ذكره العلماء (٣)، ولنا فيه فضل الترتيب والاستيفاء، والحكمة العظمى في ذلك كله، والفائدة الكبرى فيه، ما نذكره لكم ونستوفيه، وبه تتم جميع معانيه.
ذكر الحكمة العظمى في خلق الكلام وتسخير القلم
إن الخلق قصروا عن فهم كلام الله قصورهم عن فهم معرفة ذاته، فإن ذاته وصفاته مقدسة عن أن تنال بوهم، أو تعلم بغير واسطة، مع ما هم
(٢) إلى هنا ينتهي نص قانون القاهرة: ١١٩/أ.
(٣) انظر فخر الدين الرازي: مفاتيح الغيب: ٢/ ٢١٥ - ٢٣٥، ابن حزم: الفصل: ٥/ ١٢٦ (ط:
الرياض).