جملة العالمين بالله، وهذا أيضاً كلام صحيح، فقد نفت ظواهر الشريعة عن العاصي الإِيمان والعلم في الِإطلاق، كما نفته عن الكافر أيضاً في الإِطلاق، وهذا القول بإطلاقه لا يرده ظاهر الشرع، ولكن يفتقر إلى مزيد تحقيق.
النظر الثالث: قولهم: "حتى تنكشف له أسرارها" فينبغي أن يكاشفوا عن هذا السر، ولهم فيه ثلاث طرق:
الطريقة الأولى: أن يقولوا: هو معرفة الله والملائكة، والأنبياء وآيات الآفاق والسموات والكواكب والآثار العلوية وأقسام الموجودات وكيفية وجودها وارتباط بعضها ببعض حتى تنتهي إلى الله، ومعرفة القيامة والحشر والجنة والنار والجن، وتحقيق أن ما سبق إلى أفهام العامة من أن الله فوق العرش في مكان، وما اعتقدوه في أحوال الآخرة، هل هي خيالات؟ أو لَهَا مَعَان سوى الفهوم؟ وهذا قول خلف.
أما معرفة الله: فهي بالتفكر في آياته.
وأما معرفة الأنبياء: فإنها تقع بمعجزاتهم.
وأما معرفة الملائكة والشياطين: فلا سبيل لدخول دليل العقل فيه، وإنما هو الشرع، لأن طريقه الخبر.
وأما حقائقهم: فإنهم أجسام خلقهم الله على صفة يَتَأتَّى معها التصور في الهيئات، كما خلقنا على هيئة يَتَأتَّى لنا بها التصرف في الحركات.
وأما آيات الآفاق: فهي دحو الأرض وتباين مناكبها، وإرساؤها بالجبال واتساع القفار بها، واختصاص بعضها دون بعض بما خصت به من منفعة أو حالة.